أنا الدكتور بيل فوبيون، طبيب الجهاز الهضمي في مايو كلينك. في هذا الفيديو، سنتناول معلومات أساسية عن داء كْرون. ما تعريف هذا المرض؟ من معرض للإصابة به؟ الأعراض والتشخيص والعلاج. سواء كانت لديك استفسارات تخصك أو تخص شخصًا عزيزًا عليك، فيسرنا أن نقدم لك أفضل المعلومات المتاحة. داء كْرون هو مرض أمعاء التهابي يسبب التهابات مزمنة في السبيل المَعدي المَعوي الذي يمتد من المعدة حتى فتحة الشرج. تختلف مواضع إصابة السبيل المَعدي المَعوي من شخص إلى آخر، وينتشر الالتهاب عادةً في الطبقات العميقة من الأمعاء. يُقدر أعداد المصابين بداء كْرون في الولايات المتحدة بنحو أكثر من نصف مليون مريض. قد يكون هذا الداء مؤلمًا ومنهكًا للقوى، وأحيانًا يؤدي إلى حدوث مضاعفات حادة، فضلاً عن الضغط النفسي. ورغم أنه لا يوجد علاج شافٍ لهذا المرض، فبعد تشخيص الإصابة به، قد يساعد العلاج في العودة إلى ممارسة الكثير من الأنشطة الطبيعية والاستمتاع بحياة مريحة.
هناك الكثير من الظروف الخاصة التي تسهم في الإصابة بداء كْرون أو تؤدي إلى تفاقمه، لكن السبب الدقيق ما يزال غير معروف. ومن بينها استجابة جهاز المناعة غير الطبيعية ضد بعض الميكروبات، وقد تؤدي إلى مهاجمة خلايا الجسم أيضًا. كما قد يكون للخصائص الوراثية دور في ذلك. وتزيد احتمالات الإصابة بهذه الحالة إذا كان أحد الأقارب من الدرجة الأولى مصابًا بها. لكن نسبة ذلك لا تتعدى 20% من الحالات. يوجد ارتباط بين هذا المرض وبين العمر. وعلى الرغم من أن هذا المرض قد يظهر في أي مرحلة عمرية، يُشخَّص معظم المرضى قبل سن الثلاثين. يُعد الأصل العرقي أحد عوامل الخطر كذلك. فالبيض هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة به، وخاصةً الأشخاص الذين تنحدر أصولهم من يهود الأشكناز. على الرغم من ذلك، يتزايد معدل الإصابة بهذا المرض بين السكان ذوي البشرة السمراء المقيمين في أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة. لا تسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الإصابة بداء كْرون، لكنها معروفة بتحفيز التهاب الأمعاء وتفاقمه. تشمل مضادات الالتهاب هذه مسكّنات الألم الشائعة المتاحة دون وصفة طبية، مثل الأيبوبروفين ونابروكسين الصوديوم وديكلوفيناك الصوديوم، وغيرها. إذا تأكد تشخيص إصابتك بداء كرون، فاحرص على استشارة طبيبك بشأن الأدوية التي يجب عليك تجنبها. رغم أن كثير من هذه العناصر خارج عن نطاق سيطرتنا، يُعد التدخين أهم عامل من عوامل الخطورة الذي يُمكن السيطرة عليه لتجنب الإصابة بداء كرون أو تفاقمه. كما أن التدخين يسبب أعراضًا أكثر حدة للمرض ويزيد الحاجة إلى الجراحة. فإن كنت مدخنًا وتأكد تشخيص إصابتك بالمرض، فقد آن الأوان للتوقف عن التدخين.
قد يصيب داء كْرون أي منطقة في السبيل المَعدي المَعوي، لكنه يظهر غالبًا في الأمعاء الغليظة والدقيقة. كما قد ينحصر في منطقة واحدة أو ينتشر في عدة مناطق. تتباين حدة الأعراض، وتتوقف على المنطقة المصابة في السبيل المَعدي المَعوي. قد تنعم أيضًا بفترات من الهدأة لا تشعر خلالها بأي أعراض على الإطلاق. يمكن أن تظهر الأعراض تدريجيًا، لكنها قد تظهر فجأة أيضًا. ومن هذه الأعراض، الإسهال والحُمّى والإرهاق وآلام وتقلصات البطن وظهور الدم في البراز وتقرحات الفم وانخفاض الشهية وفقدان الوزن. إذا تسبب داء كْرون في حدوث نواسير أو قنوات التهابية في الجلد بالقرب من منطقة الشرج، فقد تشعر بالألم أو تلاحظ خروج إفرازات. وفي الحالات الأكثر حدة، قد تصاب بالتهاب في العينين أو الجلد أو المفاصل أو الكبد أو قنوات المرارة، وحصوات الكلى وفقر الدم. ومن أعراضه أيضًا تأخر النمو والتطور لدى الأطفال. ومع مرور الوقت، قد يؤدي داء كْرون إلى مضاعفات أخرى، منها انسداد الأمعاء والقُرح والنواسير والشقوق الشرجية وسوء التغذية، وغيرها من المشاكل الصحية. وقد يزيد أيضًا من خطر الإصابة بالجلطات الدموية وسرطان القولون. إن ظهور هذه الأعراض لا يعني بالضرورة أنك مصاب بداء كْرون. لكن إذا كنت تشعر بأي شيء يثير قلقك، فمن الأفضل لك تحديد موعد لزيارة الطبيب.
لا يوجد اختبار واحد مخصص لتشخيص مرض كْرون، وتتشابه أعراضه مع الكثير من الحالات المَرَضية الأخرى، لذا قد يستغرق تشخيص هذا المرض بعض الوقت. في البداية، سينظر الطبيب في التاريخ المرضي. وقد يطلب إجراء عدد من الاختبارات أو الإجراءات. وفي مرحلة معينة، قد يحيلك الممارس العام إلى اختصاصي يُعرف باسم طبيب الجهاز الهضمي، مثلي أنا. يمكن إجراء اختبار دم للبحث عن علامات فقر الدم ومؤشرات العدوى. أما تحليل البراز فيُجرى للتحقق من وجود دم في البراز أو استبعاد عوامل أخرى مسببة للمرض. وقد تستدعي الحالة إجراء تنظير القولون. يتيح هذا الإجراء للطبيب فحص القولون بالكامل ونهاية اللفائفي (الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة) باستخدام منظار داخلي، وهو كاميرا صغيرة مثبتة على أنبوب مرن رفيع. وفي الوقت نفسه، قد يلجأ إلى أخذ عينات من النسيج لإجراء الخزعة. تساعد مجموعات الخلايا الالتهابية المسماة بالأورام الحبيبية، في حال وجودها، في تأكيد تشخيص داء كرون بشكل قاطع. قد يطلب الطبيب إجراء تصوير مقطعي محوسب لفحص الأمعاء وجميع الأنسجة المحيطة بها على نحو أكثر وضوحًا، أو يطلب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي المفيد بصفة خاصة في استكشاف النواسير المحيطة بفتحة الشرج أو الأمعاء الدقيقة. يمكن أيضًا إجراء التنظير الكبسولي. في هذا الإجراء، تبلع كاميرا بحجم قرص فيتامين كبير من أجل أن تلتقط صورًا للسبيل الهضمي أثناء انتقالها عبره. كما يمكن إجراء تنظير بمساعدة البالون للوصول إلى مناطق في الأمعاء لا يصل إليها التنظير العادي، وذلك في حال حدوث أي شيء غير طبيعي يتطلب مزيد من الفحص الدقيق.
سيتعاون معك الطبيب لإيجاد علاجات تخفف من الأعراض التي تشعر بها. من الأهداف الرئيسية للعلاج تقليل الالتهابات التي تسبب الألم والمشكلات التي تؤثر على جودة الحياة. كما يتمثل أحد الأهداف في الحد من المضاعفات على المدى الطويل. في الوقت الراهن، لا يوجد علاج شافٍ لهذا المرض، لكن هناك عدة علاجات تعمل على تخفيف الأعراض كثيرًا، وربما تمنح المريض هدأة طويلة الأجل في بعض الحالات. وقد تشمل هذه العلاجات أدوية مضادة للالتهابات، مثل الكورتيكوستيرويدات ومثبطات الجهاز المناعي والمضادات الحيوية. وقد تساعد بعض أنواع الأدوية الحيوية التي تستهدف البروتينات التي يفرزها الجهاز المناعي. كذلك يمكن السيطرة على الأعراض الأخرى عن طريق تناول مضادات الإسهال ومسكنات الألم والمكمِّلات الغذائية. قد يوصي الطبيب بعلاج غذائي واتباع نظام غذائي خاص. وفي بعض الحالات، قد يلزم التدخل الجراحي إذا لم تفلح التدابير الأخرى. وهذا يعني استئصال الأنسجة التالفة. قد تكون لبعض هذه العلاجات آثار جانبية. لذا ينبغي التحقق من المخاطر والفوائد ومراجعتها مع الطبيب.
قد تكون تجربة داء كْرون التقرحي مرهقة من الناحية الجسدية والنفسية، لكن لحسن الحظ هناك إجراءات فعالة للتعامل معها. رغم أنه لا يوجد دليل مؤكد على أن هناك أطعمة معينة تسبب داء كْرون، فبعض أنواع الطعام تبدو أنها تفاقم النوبات. لذا يمكنك تحديد المحفزات في حالتك عن طريق تدوين الطعام الذي تتناوله لمتابعة تأثيره على الحالة. علاوة على ذلك، يُنصح بالحد من مشتقات الحليب وتناول وجبات صغيرة وشرب الماء باستمرار وتجنب الكافيين والكحول والمشروبات الغازية. كما ننصحك بتناول الفيتامينات المتعددة إذا كنت قلقًا من نقصان الوزن. أو استشارة اختصاصي حمية مسجل إذا أصبح نظامك الغذائي محدودًا للغاية. مرة أخرى عليك التوقف عن التدخين إن كنت مدخنًا. كما أنه من الضروري العناية بالصحة العقلية. ابحث عن طرق للسيطرة على التوتر، مثل التمارين الرياضية وأساليب الاسترخاء والتنفس أو الارتجاع البيولوجي. فبعض الأعراض، مثل ألم البطن والغازات والإسهال، تسبب الشعور بالقلق والإحباط، وتُصعِّب عليك الخروج إلى مكان عام لفترة حتى وإن كانت قصيرة. وقد تشعر بتقييد الحركة والعزلة، ما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب. لذا تعرّف على أكبر قدر ممكن من المعلومات المتعلقة بداء كرون. فالاطلاع على معلومات مفيدة قد يساعدك كثيرًا في الشعور بالسيطرة على الحالة المرضية. استشر مُعالجًا، ويُفضل أن يكون على دراية بمرض الأمعاء الالتهابي. فالطبيب هو من سيقدم لك النصائح المفيدة. كما ننصحك بالانضمام إلى مجموعة دعم والتواصل مع أشخاص يمرون بنفس ظروفك. داء كرون مرض ذو طبيعة معقدة، لكن عند توافر رعاية طبية على يد خبراء متميزين واتباع استراتيجية علاج ناجحة، يمكن السيطرة عليه بشكل أفضل، بل والعودة إلى ممارسة حياتك الطبيعية بحرية. في الوقت الراهن، سُجَّلت تطورات هامة فيما يتعلق بمحاولة فهم هذا المرض وعلاجه، وزادت فرص إيجاد علاج شافٍ له أو الوقاية منه تمامًا. إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن داء كْرون، فشاهد مقاطع الفيديو الأخرى ذات الصلة أو تفضل بزيارة الموقع الإلكتروني التالي mayoclinic.org نتمنى لكم دوام العافية.