نظرة عامة

التهاب القنوات الصفراوية الأولي أحد أمراض المناعة الذاتية الذي يسبب التهاب القنوات الصفراوية وتلفها ببطء. وقد كان يُعرف قبل ذلك بالتشمع الصفراوي الأولي.

والمادة الصفراء عبارة عن سائل يُفرَز في الكبد يدعم عملية الهضم ويساعد على امتصاص بعض الفيتامينات. كما يساعد جسمك على امتصاص الدهون والتخلص من الكوليسترول والسموم وخلايا الدم الحمراء التالفة. ويمكن أن يؤدي التهاب الكبد المزمن إلى حدوث التهاب وتضرر في القنوات الصفراوية، فيما يُعرف بالتهاب القنوات الصفراوية. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يسبب ذلك تندُّبًا دائمًا في نسيج الكبد، يُطلق عليه التشمع. وقد يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى فشل الكبد.

على الرغم من أن التهاب القنوات الصفراوية يُصيب كلا الجنسين، فإنه يصيب السيدات في أغلب الحالات. ويُعد التهاب القنوات الصفراوية أحد أمراض المناعة الذاتية، أي أنه يدفع الجهاز المناعي للجسم إلى مهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة عن طريق الخطأ. ويرى الباحثون أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية لها دور في الإصابة بهذا المرض. وتتطور مراحل الإصابة بهذا المرض عادةً ببطء. ورغم أنه لا يوجد علاج لالتهاب القنوات الصفراوية الأولي في الوقت الحالي، فإن الأدوية يمكن أن تبطئ تضرر الكبد، وخاصةً عند بدء العلاج مبكرًا.

الأعراض

لا يشعر أكثر من نصف مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأوّلي بأي أعراض ملحوظة عند التشخيص. وقد يُكتشف المرض عند إجراء اختبارات الدم لأسباب أخرى، مثل الاختبارات الروتينية. وتتطور الأعراض بعد ذلك خلال مدة تتراوح بين 5 أعوام إلى 20 عامًا. وبالنسبة للأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض بعد التشخيص، تكون نتائجهم أكثر سوءًا عادةً.

تشمل الأعراض المبكرة الشائعة ما يلي:

  • الإرهاق.
  • حكة في الجلد.

قد تشمل الأعراض ومؤشرات المرض المتأخرة ما يلي:

  • اصفرار الجلد والعينَين (اليَرقان).
  • جفاف العينين والفم.
  • ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
  • تضخُّم الطحال.
  • ألم العظام أو المفاصل أو العضلات.
  • تورم القدم والكاحلين.
  • تراكم السوائل في البطن نتيجة فشل الكبد (الاستسقاء).
  • ترسّبات دهنية (تُسمى الورم الأصفر) على الجلد وحول العين والجفون أو في ثنايا راحة اليد أو باطن القدم أو المِرفَقين أو الركبتين.
  • اسمرار الجلد بدون التعرض للشمس، يُسمى فرط التصبغ.
  • ضعف العظام وترققها (هشاشة العظام) بدرجة قد تؤدي إلى الإصابة بكسور.
  • ارتفاع مستوى الكوليسترول.
  • الإسهال الذي قد يتضمن البراز الدهني، يُسمى الإسهال الدهني.
  • نقص نشاط الغدة الدرقية، يُسمى قصور الدرقية.
  • فقدان الوزن.

الأسباب

لا يوجد سبب واضح للإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي. ويعتبره الكثير من الاختصاصيين مرضًا في المناعة الذاتية، يهاجم فيه الجسم نفسه. كما يعتقد الباحثون أن استجابة المناعة الذاتية هذه قد تتعرض للتحفيز بفعل عوامل بيئية ووراثية.

ويظهر التهاب الكبد الناجم عن التهاب القنوات الصفراوية الأولي عندما تبدأ أنواع معينة من خلايا الدم البيضاء –يُطلق عليها الخلايا التائية (أو اللمفاويات التائية)– في التجمع داخل الكبد. في الأحوال الطبيعية، ترصد هذه الخلايا المناعية الجراثيم والبكتيريا والفيروسات، وتساعد على الوقاية منها. ولكن في حال التهاب القنوات الصفراوية الأولي، فإنها تهاجم عن طريق الخطأ الخلايا السليمة المُبطِّنة للقنوات المرارية الصغيرة في الكبد.

وينتشر الالتهاب في القنوات الأصغر ليؤدي في النهاية إلى إتلاف الخلايا الأخرى في الكبد. وبموت الخلايا، تحل محلها أنسجة ندبية، تُعرف أيضًا بالتليُّفات، والتي قد تؤدي إلى تشمع الكبد. والتشمع هو تندُّب في نسيج الكبد يؤدي إلى الإخلال بقدرة الكبد على تأدية عملها بشكل طبيعي.

عوامل الخطر

تزيد العوامل التالية عادةً من خطر إصابتك بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي:

  • النوع. أغلب الإصابات بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي هي بين النساء.
  • العمر. تكثر الإصابة به في الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عامًا.
  • الخصائص الوراثية. إذا كان أحد أقاربك مصابًا بالمرض، فيعني ذلك ارتفاع احتمال إصابتك به.
  • المنطقة الجغرافية. هذا الالتهاب أكثر شيوعًا بين الأشخاص من أصول شمال أوروبية، ولكنه يمكن أن يصيب جميع الأجناس والأعراق بالأساس.

ويعتقد الباحثون أنه من شأن العوامل الوراثية، مجتمعة مع عوامل بيئية معينة، أن تحفز الإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي. قد تشمل تلك العوامل البيئية ما يلي:

  • العدوى، مثل عدوى المسالك البولية.
  • تدخين السجائر، وخاصة لفترات زمنية طويلة.
  • التعرض للمواد الكيميائية السامّة، مثلما يحدث في بيئات عمل معينة.

المضاعفات

مع تفاقم تضرر الكبد، قد يسبب التهاب الأقنية الصفراوية الأولي حدوث مشكلات صحية خطيرة، من بينها:

  • تندّب الكبد، ويسمى التشمع. يصعِّب التشمع على الكبد أداء وظيفته، وربما يؤدي إلى حدوث فشل الكبد. ويعني ذلك وصول التهاب الأقنية الصفراوية الأولي إلى المرحلة الأخيرة. ففي حال الإصابة بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي مع التشمع، تصبح التوقعات الصحية سيئة. ويكون المصابون عرضة بشكل أكبر لخطر حدوث مضاعفات أخرى.
  • زيادة الضغط داخل الوريد البابي، ويسمى فرط ضغط الدم البابي. يدخل الدم القادم من الأمعاء والطحال والبنكرياس إلى الكبد من خلال وعاء دموي كبير يُسمى الوريد البابي. ولكن تُسبب الأنسجة الندبية الناجمة عن تشمُّع الكبد إيقاف تدفق الدم بصورة طبيعية خلال الكبد، فيرتد الدم إلى الأعلى. وينجم عن هذا زيادة الضغط داخل الوريد البابي. وقد يُسبب عدم تدفق الدم على نحو سليم خلال الكبد أيضًا عدم ترشيح الأدوية وغيرها من المواد السامة جيدًا من مجرى الدم.
  • تضخم الأوردة، وتسمى الدوالي. في حالة بطء تدفق الدم أو توقفه داخل الوريد البابي، قد يعود الدم إلى أوردة أخرى، وغالبًا تلك الواقعة بالمعدة والمريء. ومن ثم تؤدي زيادة الضغط إلى تمزق الأوردة وحدوث نزيف. ويمثل النزيف في الجزء العلوي من المعدة أو المريء حالة طارئة تهدد الحياة، وهو ما يتطلب رعاية طبية عاجلة.
  • تضخم الطحال. قد يصبح الطحال منتفخًا بخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. وذلك لأن الجسم لم يعد قادرًا على تصفية المواد السامة خارج مجرى الدم كما ينبغي.
  • حصوات المرارة وحصوات القناة الصفراوية. في حال عدم تمكن العصارة الصفراوية من المرور عبر القنوات الصفراوية، فقد تتصلب متحولة بذلك إلى حصوات في القنوات. وتسبب هذه الحصوات الشعور بالألم والإصابة بالعَدوى.
  • سرطان الكبد. يزيد تندّب الكبد من خطر التعرض لسرطان الكبد. لذا يلزم فحص المصابين بتندّب الكبد بانتظام للتحقق من عدم إصابتهم بالسرطان.
  • ضعف العظام، ويسمى هشاشة العظام. يزداد خطر الإصابة بضعف العظام وهشاشتها لدى المصابين بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي؛ الأمر الذي يجعلهم عرضة بشكل أكبر لخطر كسر العظام بسهولة.
  • نقص الفيتامينات. يؤثر عدم كفاية العصارة الصفراوية في قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص الدهون والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، وهي فيتامينات A وD وE وK. ومن ثمّ قد يعاني بعض المصابين بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي من انخفاض مستويات هذه الفيتامينات. وربما ينجم عن انخفاض مستويات الفيتامينات عدة مشكلات صحية، مثل العمى الليلي والاضطرابات المرتبطة بالنزف.
  • ارتفاع مستوى الكوليسترول. تعاني نسبة تصل إلى 80% من المصابين بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي من ارتفاع مستوى الكوليسترول.
  • ضعف الوظائف العقلية، ويسمى الاعتلال الدماغي الكبدي. يشكو بعض المصابين بمرحلة متأخرة من التهاب الأقنية الصفراوية الأولي مع التشمع من تغيّرات في الشخصية. وقد يتعرضون أيضًا لمشكلات في الذاكرة والتركيز.
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض أخرى. يرتبط التهاب الأقنية الصفراوية الأولي باضطرابات أخرى، بما في ذلك، تلك التي تصيب الغدة الدرقية والجلد والمفاصل. كذلك يمكن أن يرتبط بجفاف العينين والفم، وهو اضطراب يسمى متلازمة شوغرن.

التهاب الأقنية الصفراوية الأولي - الرعاية في Mayo Clinic (مايو كلينك)

30/01/2024
  1. Poupon R. Clinical manifestations, diagnosis, and prognosis of primary biliary cholangitis. https://www.uptodate.com/contents/search. Accessed Sept. 15, 2023.
  2. Poupon R. Overview of the management of primary biliary cholangitis. https://www.uptodate.com/contents/search. Accessed Sept. 15, 2023.
  3. Elsevier Point of Care. Clinical Overview: Primary biliary cholangitis. https://www.clinicalkey.com. Accessed Sept. 15, 2023.
  4. Feldman M, et al., eds. Primary biliary cholangitis. In: Sleisenger and Fordtran's Gastrointestinal and Liver Disease: Pathophysiology, Diagnosis, Management. 11th ed. Elsevier; 2021. https://www.clinicalkey.com. Accessed Sept. 15, 2023.
  5. Primary biliary cholangitis (primary biliary cirrhosis). National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. https://www.niddk.nih.gov/health-information/liver-disease/primary-biliary-cholangitis. Accessed Sept. 15, 2023.
  6. Ami TR. Allscripts EPSi. Mayo Clinic. Aug. 8, 2023.