نظرة عامة
المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق هي نوع متخصص من علاجات السرطان يُستخدَم في حالات السرطان التي انتشرت إلى غشاء تجويف البطن (الصفاق). ويمكن عادةً الجمع بينها وجراحة الاختزال الخلوي. وجراحة الاختزال الخلوي هي عملية جراحية يستأصل فيها الجرَّاحون جميع الخلايا السرطانية الظاهرة من الصفاق.
بعد الجراحة، يُغمَر تجويف البطن بالعلاج الكيميائي الساخن لاستهداف أي خلايا سرطانية مجهرية متبقية. ومن ثمّ، فإن هذا النهج العلاجي المُركّب، المعروف بجراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق، يُسهم بشكل ملحوظ في الحد من احتمالية عودة السرطان وزيادة معدلات النجاة، وربما تحقيق الشفاء التام لبعض المرضى.
أثناء إجراء المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق، يُسخَّن دواء العلاج الكيميائي إلى درجة حرارة تتراوح من 41 إلى 43 درجة مئوية (106 إلى 109 درجة فهرنهايت) تقريبًا، ولذلك، يُشار إلى هذا الإجراء غالبًا باسم "غسيل كيميائي" أو "حمام كيميائي ساخن". فهذا التسخين يساعد الدواء في اختراقه للأنسجة ويزيد من فعاليته.
وفي حين أن العلاج الكيميائي الشامل لكل الجسم يعتمد على نشر الأدوية عبر مجرى الدم إلى مختلف أنحاء الجسم، فإن المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق تتبع نهجًا علاجيًا أكثر دقة واستهدافًا للسرطان؛ إذ تُتيح وصول جرعات دوائية بتركيزات أعلى إلى موضع السرطان مباشرة، كما تقلل من الآثار الجانبية الشائعة المرتبطة عادةً بالعلاج الكيميائي الشامل لكل الجسم لدى المرضى نتيجة انخفاض امتصاص الدواء في مجرى الدم.
لماذا يتم ذلك؟
تُستخدم المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق غالبًا لعلاج أنواع السرطان التي انتشرت إلى غشاء تجويف البطن (الصفاق)، وتشمل:
- سرطان القولون أو المستقيم.
- سرطان المبيض.
- سرطان المعدة.
- سرطان الزائدة الدودية.
- سرطان المثانة.
كما تُستخدم أيضًا لعلاج الأورام السرطانية التي تنشأ في الصفاق، وتشمل:
- ورم المتوسطة الصفاقي، وهو نوع نادر من السرطان يُصيب الصفاق ويرتبط غالبًا بالتعرض لمادة الأسبستوس.
- الورم المخاطي الصفاقي الكاذب، وهو حالة مَرضية نادرة تنتشر فيها خلايا سرطانية معينة في الصفاق وتسبب تراكم مادة هلامية داخله.
قد يُسهم الجمع بين إجراء المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق وجراحة الاختزال الخلوي في رفع معدلات النجاة من أنواع مختلفة من السرطان لدى الكثير من المرضى. ومن الممكن أن يساعد أيضًا في منع تكرار الإصابة بالسرطان، بل وتحقيق الشفاء التام لبعض المرضى.
ومع ذلك، فالمعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق ليست خيارًا علاجيًا مناسبًا لجميع المرضى. ولكنها تُستخدَم عادة لعلاج الأشخاص الأصحاء نسبيًا الذين لم ينتشر السرطان لديهم خارج الصفاق. ولذلك، لا يُنصَح بهذه المعالجة إذا انتشر السرطان إلى أعضاء بعيدة بالجسم أو كانت حالة المريض لا تسمح بخضوعه لجراحة.
يبدأ الطبيب بتقييم مدى انتشار السرطان لتحديد ما إذا كان إجراء المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق خيارًا مناسبًا للحالة، مستعينًا بالفحوصات التصويرية مثل التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو إجراء جراحة طفيفة التوغل لفحص تجويف البطن.
المخاطر
المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق - وخاصة عند إجرائها مع جراحة الاختزال الخلوي - هي عملية جراحية معقدة تنطوي على مخاطر بالغة، ومنها ما يلي:
المضاعفات المرتبطة بالجراحة
- التفاعلات الناجمة عن التخدير.
- النزف أثناء الجراحة أو بعدها.
- الجلطات الدموية.
- حدوث عَدوى في موضع الجراحة أو داخل البطن.
- في حال استئصال جزء من الأمعاء أثناء جراحة الاختزال الخلوي، قد يحدث تسرب عند موضع وصل الأمعاء.
- انسداد الأمعاء أو توقف مؤقت في حركتها.
- ألم ما بعد الجراحة يتطلب علاجًا لتخفيفه.
- الوفاة.
الآثار الجانبية المتعلقة بالعلاج الكيميائي
- الغثيان والقيء.
- تسمم الكلى، بسبب التعرض للعلاج الكيميائي بجرعة عالية.
- كبت نخاع العظم، ما يؤدي إلى انخفاض عدد خلايا الدم.
- الخَدَر أو الوخز الناجم عن تلف الأعصاب.
المخاطر طويلة الأمد
- قد يتكون نسيج ندبي (التصاق) في موضع الجراحة. مما قد يسبب ألمًا بالبطن يستمر لفترة طويلة أو اضطرابات في الأمعاء.
- خطر عودة السرطان، رغم الخضوع للعلاج.
كيف تستعد؟
تلزم عدة خطوات للتحضير لجراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق. وخلال الفترة التي تسبق إجراء الجراحة، قد يُطلب منك ما يلي:
- الخضوع لتقييم طبي. قد يُوصى بإجراء فحوصات طبية شاملة، مثل تحاليل الدم وتقييمات القلب وفحوصات تصويرية لتقييم حالتك الصحية والتأكد من أن الجراحة خيار مناسب لك. وقد يبدأ الطبيب بإجراء تنظير البطن التشخيصي طفيف التوغل. يستخدم الطبيب أثناء إجراء تنظير البطن كاميرا صغيرة وأدوات جراحية دقيقة يُدخِلها عبر فتحات صغيرة في الجلد لفحص الأعضاء الداخلية بالجسم.
- التوقف عن استخدام أدوية معينة. قد تزيد بعض الأدوية من خطر حدوث مضاعفات أثناء الجراحة، لذلك قد يطلب منك الطبيب التوقف عن استخدامها قبل موعد الجراحة.
-
تحسين الصحة. قبل إجراء جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق، قد يوصي فريق الرعاية الصحية باتباع نهج "التعافي المعزَّز بعد الجراحة"، وهو برنامج يعمل على تهيئة الجانب البدني والنفسي والغذائي للمريض قبل الخضوع للجراحة وذلك من خلال تحضيرات مسبقة بهدف تحسين حالته الصحية وتعزيز قدرته على التحمل.
يتضمن هذا البرنامج عادةً ممارسة تمارين خفيفة، كالمشي وتمارين الإطالة، والالتزام بنظام غذائي صحي واتباع أساليب للتحكم في التوتر والضغط النفسي. وقد يشمل أيضًا تقديم المساعدة لمَن يرغب في الإقلاع عن التدخين والكحول. يهدف هذا البرنامج إلى زيادة القوة البدنية وتعزيز القدرة على التحمل وتحسين الصحة العامة للحد من المضاعفات وزيادة سرعة التعافي وتحقيق نتائج أفضل بعد جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق.
- النظام الغذائي والصيام. قد يلزم اتباع نظام غذائي محدد أو استخدام محلول لتنظيف الأمعاء قبل الجراحة. لذا، تحدّث إلى فريق الرعاية الصحية لمعرفة التعليمات المتعلقة بذلك.
التخطيط للإقامة في المستشفى
سوف تقضي بضعة أيام على الأقل في المستشفى بعد جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق، وذلك حسب حالتك الصحية. ولهذا، ينبغي الترتيب مع شخص آخر ليتولى مسؤولياتك في المنزل والعمل.
فكر مسبقًا في الأغراض التي تفضل اصطحابها معك أثناء فترة تعافيك في المستشفى. وقد تشمل هذه الأغراض ما يلي:
- رداءً وخُفّين.
- أدوات العناية الشخصية مثل فرشاة ومعجون الأسنان ومستلزمات الحلاقة، عند الحاجة.
- ملابس مريحة لارتدائها عند العودة إلى المنزل.
- أدوات لممارسة أنشطة لقضاء الوقت كالكتب أو المجلات أو الألعاب.
ما يمكن أن تتوقعه
أثناء الإجراء
تستغرق جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق، عند إجرائها مع جراحة الاختزال الخلوي، عادةً من 6 إلى 12 ساعة، وذلك حسب مدى انتشار السرطان ومدى تعقيد العملية الجراحية. تشمل العملية بأكملها عادةً الخطوات التالية:
-
التخدير والتحضير للجراحة. عند حضورك لإجراء الجراحة، يصطحبك فريق الرعاية الصحية إلى غرفة التحضير. ويتولى أحد أعضاء الطاقم الطبي قياس ضغط الدم ومتابعة معدل التنفس لديك. وقد تتلقى مضادًا حيويًا بالحَقن في أحد أوردة الذراع.
ويصحبك الفريق الجراحي بعد ذلك إلى غرفة العمليات حيث تستلقي على طاولة الجراحة. وتُعطَى دواء للتخدير العام يجعلك في حالة شبيهة بالنوم حتى لا تكون واعيًا أثناء العملية.
- الشق الجراحي. يفتح الجراح شقًا في منتصف البطن للوصول إلى تجويف البطن.
- استئصال السرطان. تُجرى جراحة الاختزال الخلوي لاستئصال جميع الخلايا السرطانية المرئية الموجودة في تجويف البطن أو الأعضاء المجاورة، وتُعرف هذه الحالة باستئصال معظم كتلة الورم. أما إذا انتشر السرطان إلى الغشاء الذي يُبطّن تجويف البطن (الصفاق)، فقد يلجأ الجرّاح إلى استئصال هذا الغشاء، ويُعرف ذلك باستئصال الصفاق. تهدف جراحة الاختزال الخلوي إلى استئصال أكبر قدر ممكن من الخلايا السرطانية المرئية إما عن طريق استئصال معظم كتلة الورم أو استئصال الصفاق.
- التحضير للمعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق. بعد الانتهاء من جراحة الاختزال الخلوي، تُثبَّت أنابيب داخل تجويف البطن لضخ محلول العلاج الكيميائي ومتابعة تأثيره. ويمكن إغلاق الشق الجراحي أو تغطيته مؤقتًا لضمان الحفاظ على بيئة آمنة ومحكمة.
- إعطاء العلاج الكيميائي الحراري. يُضَخ محلول العلاج الكيميائي الساخن داخل تجويف البطن باستخدام جهاز مخصص لذلك. ويحتوي هذا المحلول على أدوية مثل ميتوميسين C أو سيسبلاتين، ويجرى تدويره في التجويف بأكمله لمدة تتراوح بين 60 و90 دقيقة لاستهداف الخلايا السرطانية المجهرية.
- التصريف. يُصرَف محلول العلاج الكيميائي من البطن بعد انتهاء دورته، ثم يُغسَل تجويف البطن جيدًا باستخدام محلول معقم للتخلص من أي آثار متبقية من الدواء.
- إغلاق الشق الجراحي. تُستخدَم الغُرز أو الدبابيس الجراحية لإغلاق الشق الجراحي. وقد تُترك أنابيب التصريف في موضعها لمنع تراكُم السوائل بعد الجراحة.
بعد الإجراء الطبي
بعد إجراء العملية الجراحية، من المحتمل أن تبقى في المستشفى لبضعة أيام أو لمدة أطول. وقد يستغرق الشفاء بعد الجراحة بعض الوقت. ويمكن أن يستغرق التعافي الكامل نحو 6 أشهر إلى سنة. ومن المهم أن ترتاح وتحظى بالوقت الكافي للتعافي.
النظام الغذائي والتغذية
من المرجح أن يُطلَب منك تناول السوائل الصافية في يوم الجراحة. ومع ذلك، في اليوم التالي قد يُنصح بالبدء في تناول الأغذية غير السائلة، إذ يمكن لتناول الطعام المعتاد أن يساعد في استعادة وظائف الأمعاء. وإلى جانب الأغذية غير السائلة، قد يوصيك فريق الرعاية الصحية بتناول المكملات الغذائية للتأكد من حصولك على كل العناصر المغذية التي تحتاج إليها.
ممارسة التمارين الرياضية
بعد الجراحة، يُنصح المرضى عادةً ببدء ممارسة أنشطة بدنية خفيفة كالمشي. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل خطر التعرض لمضاعفات مثل الجلطات الدموية وتعزيز التعافي بشكلٍ أسرع.
ومع تحسّن حالتك بمرور الوقت، يمكنك زيادة مستوى نشاطك البدني تدريجيًا لفترات أطول. ويُسهم ذلك في استعادة قوتك البدنية وقدرتك على التحمل. وقد يساعدك فريق الرعاية في هذه المرحلة.
النتائج
تتوقف نتائج جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق على عدة عوامل، منها نوع السرطان ومدى انتشاره بالجسم ومقدار الورم المُستأصَل أثناء الجراحة والحالة الصحية العامة للمريض.
على الرغم من أن جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق عملية كبيرة تنطوي على عدة مخاطر، فهناك دراسات أثبتت أنها تُسهم في تحسين فرص النجاة بشكل ملحوظ لدى بعض المرضى. وبوجه عام، تشير الدراسات إلى أن المرضى ممَّن خضعوا لهذه الجراحة يعيشون فترة أطول من أولئك الذين تلقوا العلاج الكيميائي التقليدي فقط، ولا سيما إذا أمكن استئصال السرطان بالكامل أو معظمه أثناء الجراحة. أما إذا كان السرطان منتشرًا بشكل كبير أو لا يمكن استئصاله بالكامل، فإن فوائد هذه الجراحة تكون محدودة.
يُتابع فريق الرعاية الصحية عادةً حالتك بعناية بعد الجراحة. لذلك، من المهم الالتزام بحضور جميع مواعيد المتابعة الطبية بعد إجراء جراحة المعالجة الكيميائية الحرارية داخل الصفاق؛ لأن هذا يساعد فريق الرعاية في الكشف المبكر عن أي مؤشرات لعودة السرطان. كما أن إجراء الفحوصات الطبية المنتظمة يعزز فرص الحفاظ على الصحة والعيش لمدة أطول.
التجارب السريرية
استكشِف دراسات مايو كلينك حول الاختبارات والإجراءات المخصصة للوقاية من الحالات الصحية واكتشافها وعلاجها وإدارتها.