نظرة عامة
الجراحة الإشعاعية التجسيمية (SRS) للدماغ علاج إشعاعي لحالات محددة في الدماغ. في هذه الجراحة توجَّه حزم طاقة عالية التركيز إلى مناطق محددة في الدماغ. إنها ليست جراحة بالمعنى التقليدي؛ إذ لا تتضمن إجراء شقوق أو فتحات في الجمجمة. بل يوجَّه الإشعاع بدقة تكاد تشبه دقة أداة جراحية.
يستخدم الأطباء صورًا تفصيلية للدماغ وبرامج حاسوب خاصة لتحديد المنطقة المراد علاجها وتوجيه الإشعاع نحوها. توصِّل كل حزمة إشعاعية جرعة صغيرة من الإشعاع. لكن عندما تتجمع الحزم الإشعاعية، توصِّل جرعة مركزة تقضي على الخلايا المستهدفة من دون تضرر الأنسجة المحيطة. تقلل هذه الدقة الآثار الجانبية. ويتمكن المرضى من استئناف أنشطتهم المعتادة بعد فترة وجيزة من العلاج.
يُتلف الإشعاع الحمض النووي للخلايا المستهدفة. يحمل الحمض النووي المعلومات الوراثية التي تحتاج إليها الخلية. عندما يَتلف الحمض النووي، تتوقف الخلايا عن أداء وظائفها والتكاثر، ثم تموت في نهاية الأمر. قد تستغرق هذه التأثيرات بعض الوقت، لكن يمكن أن يكون العلاج فعالاً جدًا.
يمكن أن تعالج الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ ما يلي:
- أورام الدماغ.
- حُبيكات الأوعية الدموية التي تُسمى التشوه الشرياني الوريدي (AVM).
- الحالات المرضية المرتبطة بالأعصاب مثل ألم العصب ثلاثي التوائم.
- حالات مرضية أخرى مرتبطة بالدماغ.
أنواع الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ
تُستخدم أنواع عدة من التقنيات لتوصيل الإشعاع أثناء الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ. الفرق الرئيسي بينها هو أن الطاقة الإشعاعية لكل منها مستمدة من مصادر مختلفة.
- تتضمن جراحة سكين جاما استخدام جسيمات صغيرة من الطاقة تُسمى الفوتونات. في هذه الجراحة، تنبعث الفوتونات من أشعة جاما. إذ يوجه الجهاز نحو 200 حزمة إشعاعية من أشعة جاما على المنطقة المراد علاجها. تُجرى هذه الجراحة غالبًا لعلاج الأورام الصغيرة ومتوسطة الحجم، والتشوه الشرياني الوريدي، وألم العصب ثلاثي التوائم.
- تتضمن أنظمة المسرِّع الخطي (LINAC) أيضًا استخدام فوتونات، لكنها صادرة من الأشعة السينية. تشمل أسماؤها التجارية Varian Edge وCyberKnife وغيرهما. يمكن أن تعالج أنظمة المسرِّع الخطي أورامًا أكبر، ويمكن استخدام هذه الأنظمة على أجزاء أخرى من الجسم. تتضمن بعض الأنظمة استخدام أذرع روبوتية ونظام تتبع الحركة لضمان استمرار توجيه الإشعاع إلى المنطقة المستهدفة.
- يتضمن العلاج بأشعة البروتون استخدام البرتونات لعلاج سرطان الدماغ. البروتونات أجزاء من الذرات تحمل شحنة موجبة. أشعتها فريدة من نوعها؛ لأن معظم طاقتها تتجه مباشرة إلى مكان الورم، ما يقلل تضرر الأنسجة السليمة المحيطة. يساهم ذلك في جعل العلاج بالبروتونات مفيدًا بشكل خاص لعلاج الأورام القريبة من المناطق الحيوية مثل جذع الدماغ أو العصبين البصريين. وهو مفيد في جلسات الإشعاع التي تستغرق وقتًا أطول.
لماذا يتم إجراء ذلك
قد تُستخدم الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ لعلاج الحالات التالية:
- ورم الدماغ. يمكن للجراحة الإشعاعية التجسيمية أن تسيطر على الأورام الصغيرة في الدماغ. تُسمى الأورام الصغيرة غير السرطانية أورامًا حميدة. أما الأورام السرطانية، فتُسمى أورامًا خبيثة. يؤدي الإشعاع القوي إلى إتلاف خلايا الورم، بحيث تفقد قدرتها على النمو والتكاثر. بمرور الوقت تموت هذه الخلايا، ما يؤدي إلى تقليص حجم الورم.
- التشوه الشرياني الوريدي الدماغي (AVM). التشوه الشرياني الوريدي الدماغي شبكة من الأوعية الدموية التي تنشئ وصلات غير منتظمة بين الشرايين والأوردة في الدماغ. قد يسبب عدم علاجه الإصابة بسكتة دماغية أو يؤدي إلى نزيف في الدماغ. تؤدي الجراحة الإشعاعية التجسيمية إلى انغلاق الأوعية الدموية، ما يقلل خطر حدوث نزيف.
- ألم العصب ثلاثي التوائم. ألم العصب ثلاثي التوائم حالة من الألم المزمن التي تسبب ألمًا حادًا ومفاجئًا في الوجه، وغالبًا ما يُثار هذا الألم عند اللمس أو الحركة. يؤثر هذا الألم على العصب ثلاثي التوائم المسؤول عن نقل الإشارات العصبية من الوجه إلى الدماغ. إذا لم يكن علاج ألم العصب ثلاثي التوائم فعالاً أو سبب العديد من الآثار الجانبية، فيمكن اللجوء للجراحة الإشعاعية التجسيمية لاستهداف جذر العصب وتقليل إشارات الألم.
- ورم العصب السمعي. ورم العصب السمعي ورم حميد ينمو على العصب المسؤول عن السمع والتوازن. قد تؤدي الإصابة به إلى فقدان السمع أو الشعور بالدوخة أو حدوث مشكلات متعلقة بالتوازن أو الإصابة بطنين الأذن. وقد تساهم الجراحة الإشعاعية التجسيمية في إيقاف نمو الورم والمساعدة في الحفاظ على السمع ووظيفة العصب.
- أورام الغدة النخامية. تنمو هذه الأورام على الغدة النخامية التي تنظم إفراز العديد من هرمونات الجسم. تساهم الجراحة الإشعاعية التجسيمية في تقليص حجم الورم وتنظيم معدل إفراز الهرمونات.
قد يُفضَّل استخدام الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ على الجراحة الدماغية التقليدية؛ لأنها تتجنب مخاطر الجراحة المفتوحة مثل النزيف، والعدوى، وتضرر الأعصاب.
قد يُوصى بالخضوع للجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ في الحالات التالية:
- عندما يكون الورم المستهدف صغيرًا ومحدد الشكل بوضوح، وليس قريبًا من المناطق الحيوية في الدماغ.
- عندما يصعب الوصول إلى المنطقة المستهدفة بالجراحة الدماغية التقليدية.
- عندما لا يتمتع الشخص بصحة كافية للخضوع للجراحة الدماغية التقليدية.
- عندما يفضِّل المريض خيارًا علاجيًا أقل توغلاً.
المخاطر
الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ إجراء آمن وفعال بشكل عام. مثل أي إجراء طبي آخر، تنطوي على مخاطر مرتبطة بالآثار الجانبية. قد يظهر بعضها بعد العلاج بفترة قصيرة؛ بينما قد يتأخر ظهور البعض الآخر.
قد تشمل الأعراض الجانبية المبكرة ما يلي:
- الإرهاق. الإرهاق عَرض شائع بعد الإشعاع وقد يبلغ ذروته خلال أسبوع إلى أسبوعين بعد العلاج. وعادة ما يتلاشى على مدى عدة أشهر.
- الصداع واضطراب المعدة. قد يُصاب بعض الأشخاص بنوبات صداع خفيفة أو اضطراب في المعدة بعد فترة قصيرة من العلاج. عادة ما تكون هذه الأعراض مؤقتة وتُعالج بالأدوية.
- التورم. يمكن أن يسبب تورم الدماغ بعد العلاج أعراضًا مشابهة لنمو الورم، ما يزيد الأعراض السابقة سوءًا. غالبًا ما توصف أدوية مثل الستيرويدات لعلاج هذه الحالة.
- الانزعاج في مواقع التثبيت. في حال استخدام إطار الرأس خلال الإجراء، قد تصاب بنزيف بسيط أو كدمات أو إيلام عند اللمس في مواقع التثبيت.
- نوبات الصرع. نادرًا ما قد تحدث نوبات صرع بسبب تورم الدماغ أو تهيجه. قد يُستخدم دواء مضاد لنوبات الصرع كإجراء وقائي.
الآثار الجانبية المتأخرة نادرة الحدوث. وقد تشمل ما يلي:
- النخر الإشعاعي. تسبب الأنسجة الميتة التي تتراكم في المنطقة المعالجة تورمًا وضغطًا على أنسجة الدماغ. قد يشمل العلاج استخدام الستيرويدات أو العلاج بالأكسجين أو الجراحة.
- تضرر الأعصاب. إذا كان الإشعاع قريبًا من الأعصاب القحفية الحساسة، مثل الأعصاب التي تربط العينين أو الأذنين بالدماغ، فقد يسبب ذلك تغييرات في الرؤية أو القدرة على السمع. يمكن تقليل فرص حدوث ذلك من خلال التخطيط الدقيق لجرعة الإشعاع.
كيف تستعد
الطعام والأدوية
- امتنع عن الطعام أو الشراب تمامًا بعد منتصف الليلة السابقة للإجراء.
- استشر أحد أعضاء فريق الرعاية الصحية حول ما إذا كان بإمكانك أخذ أدويتك المعتادة في الليلة السابقة للإجراء أو صباح يوم الإجراء.
- إذا تطلب علاجك الخضوع لعدة جلسات، اطلب من فريق الرعاية الصحية تعليمات محددة بشأن النظام الغذائي والأدوية.
الملابس والأدوات الشخصية
يوصى بارتداء ملابس مريحة وفضفاضة.
تجنب ارتداء ما يلي أثناء الإجراء:
- المجوهرات.
- النظارات.
- العدسات اللاصقة.
- مُستحضرات التجميل.
- طلاء الأظافر.
- طقم الأسنان الاصطناعي.
- الشعر المستعار أو مشابك الشعر.
الاحتياطات الأخرى
أخبر أحد أفراد فريق الرعاية الصحية إذا كنت:
- تتناول أقراصًا أو حقنًا للسيطرة على السكري.
- لديك حساسية تجاه وسط التباين الوريدي أو اليود.
- لديك أجهزة طبية مزروعة في الجسم، مثل جهاز تنظيم ضربات القلب أو صمامات القلب الاصطناعية أو مشابك تمدد الأوعية الدموية أو المنشطات العصبية أو الدعامات.
- إذا كنت مصابًا برهاب الأماكن المغلقة.
ما يمكنك توقعه
بعد إجراء العملية
يلزم التخطيط الدقيق لتوجيه الإشعاع بالتحديد إلى المنطقة الدماغية المحتاجة للعلاج. ثمة خطوتان أساسيتان: يجب أن يظل الرأس ثابتًا أثناء تحديد منطقة العلاج. ويجب أن يكون وضع الرأس مطابقًا تمامًا لوضعه المحدد مسبقًا في اتجاه الحزم الإشعاعية في يوم جلسة العلاج. للاستعداد، تخضع لجلسة تخطيط تُسمى محاكاة.
لضمان بقاء الرأس ثابتًا في مكانه، قد يستخدم فريق الرعاية الصحية إطار رأس ثابتًا أو قناعًا مخصصًا. سيكون هذا الإطار أو القناع أيضًا بمنزلة نقطة مرجعية لتركيز الحزم الإشعاعية.
- إطار الرأس الثابت. يُثبَّت إطار معدني خفيف الوزن في الرأس باستخدام أربعة دبابيس. ستتلقى حُقنًا مُخدِّرة في الأماكن التي ستُثبَّت بها الدبابيس، نقطتان على الجبهة ونقطتان في الجزء الخلفي من الرأس.
- القناع المخصص. قناع مخصص مصنوع من مادة بلاستيكية حرارية خفيفة الوزن. يسخن الفريق القناع ثم يضعونه على وجهك. وعندما يبرد القناع على الوجه يتصلب متخذًا شكل الوجه. القناع أكثر مرونة من نظام الإطار، ما يسهل إجراء عدة جلسات علاجية. وقد يكون ذلك مفيدًا في علاج أورام الدماغ الكبيرة.
سوف تَستخدم الإطار أو القناع نفسه في كل مرة تتلقى فيها العلاج.
يجري فريق الجراحة الإشعاعية التجسيمية اختبارات تصويرية لتحديد موقع منطقة العلاج بالنسبة إلى الإطار أو القناع.
- يُستخدم التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي عادة لتصوير أورام الدماغ.
- يمكِّن التصوير الوعائي الدماغي الفريق من الحصول على صور تفصيلية للأوعية الدموية في الدماغ. قد يُستخدم مع التصوير بالرنين المغناطيسي قبل علاج التشوه الشرياني الوريدي (AVM).
- ويمكن للتصوير بالرنين المغناطيسي تكوين صور للألياف العصبية الموجودة في الرأس والرقبة. يستعين الفريق بتلك الصور لتحديد المنطقة المستهدفة لعلاج ألم العصب ثلاثي التوائم.
يُدخل الفريق الصور إلى الكمبيوتر لوضع خطة دقيقة تحدد جرعة الإشعاع المطلوبة وزاويا توجيهه. وتستغرق عملية التخطيط هذه عادة أقل من ساعة.
خلال هذه المدة، يمكن أن تستريح في غرفة أخرى. في حال استخدام الإطار، يجب أن يظل مثبتًا على رأسك. وفي حال استخدام القناع بدلاً منه، يُجرى تنفيذ جزء من التخطيط قبل وضع القناع.
يتلقى الأطفال عادة أدوية تُدخلهم في حال شبيهة بالنوم أثناء جلسة المحاكاة والإجراء. ويبقى البالغون مستيقظين عادة، لكن قد يحصلون على دواء لمساعدتهم على الاسترخاء.
في أثناء إجراء العملية
في حال استخدام إطار الرأس، يُثبَّت الإطار على رأسك. يُثبَّت الإطار بإحكام بجهاز تركيب موجود على الطاولة التي ستستلقي عليها.
في حال استخدام قناع مخصص، قد تستلقي على دعامة رقبة متخصصة ويضع اختصاصي الرعاية الصحية القناع على وجهك.
قد يدور الجهاز حولك أو يتحرك على أذرع روبوتية أو ينقلك إلى وحدة علاج بناءً على النظام المستخدم.
تتلقى السوائل مباشرة في مجرى الدم عبر الوريد (IV). تساعد هذه السوائل على الحفاظ على رطوبة جسمك أثناء الإجراء.
يستغرق الإجراء ما يصل إلى أربع ساعات. ويعتمد الوقت على حجم الجزء المستهدف وشكله. أثناء الإجراء:
- لن تشعر بالإشعاع أو تراه.
- قد تسمع بعض الضوضاء أثناء تحرك الجهاز.
- يمكنك عادة التحدث إلى فريق الرعاية الصحية عبر ميكروفون.
تُجرى الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ في العيادات الخارجية، ما يعني أنك لن تضطر إلى المبيت في المستشفى. لكن العملية بأكملها قد تستغرق معظم اليوم. وقد يُطلب منك إحضار أحد أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء معك ليرافقك طوال اليوم ويصطحبك إلى المنزل. وفي حالات نادرة، قد يستلزم الأمر المبيت في المستشفى.
بعد العملية
بعد الإجراء:
- يُزال إطار الرأس أو القناع.
- قد تصاب بنزيف طفيف أو إيلام عند اللمس في أماكن وضع الدبابيس إذا استُخدم إطار الرأس.
- قد تتلقى أدوية تساعد في منع الأعراض التي يمكن أن تحدث بعد العلاج، أو تخفيفها. قد تشمل الأعراض الصداع أو اضطراب المعدة أو القيء.
تشمل ميزات الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ مقارنة ببعض أنواع العلاج الأخرى، مثل الجراحة التقليدية للدماغ، قصر فترة التعافي وعدم شيوع الآثار الجانبية الخطيرة. يتمكن معظم الأشخاص من استئناف أنشطتهم المعتادة في غضون يوم أو يومين بعد الإجراء.
غالبًا ما تعالَج الأورام الصغيرة بجلسة علاج واحدة. وقد يتطلب علاج الأورام الكبيرة، أو الأورام القريبة من المناطق الحيوية في الدماغ، من ثلاث إلى خمس جلسات. تختلف مدة التعافي اعتمادًا على الحالة المراد علاجها واستجابة كل مريض.
النتائج
تظهر تأثيرات الجراحة الإشعاعية التجسيمية للدماغ تدريجيًّا، اعتمادًا على الحالة التي تتلقى العلاج:
- الأورام الحميدة قد يتقلص حجمها على مدار فترة تتراوح بين أشهر وأعوام.
- الأورام الخبيثة قد تتقلص بشكل أسرع، غالبًا في غضون بضعة أشهر.
- التشوه الشرياني الوريدي الدماغي تزداد الأوعية الدموية سمكًا وتنغلق في غضون سنة إلى ثلاثة سنوات.
- ألم العصب ثلاثي التوائم يستغرق الأمر عدة أشهر حتى يخف الألم.
قد يحدد فريق الرعاية الصحية مواعيد لإجراء فحوصات متابعة لمراقبة تقدم حالتك.