التمارين الرياضية والضغط النفسي: النشاط الحركي لمعالجة الضغوط

قد تساعد الرياضة بأي شكل من أشكالها في تخفيف الضغوط النفسية. حيث يعزز النشاط البدني الذي تبذله من إنتاج الإندورفين الذي يجعلك تشعر بالسعادة، ويلهيك عن دواعي القلق اليومية.

من إعداد فريق مايو كلينك

لا يخفى عليك أن ممارسة الرياضة تعود بالنفع على جسمك. لكن انشغالك وضغوط يومك قد يحولان بينك وبين إدراجها ضمن روتينك اليومي. إليك البشرى: للرياضة دور فعَّال في التخفيف من وطأة التوتر.

فمختلف أنواع التمارين، من الأنشطة الهوائية إلى اليوغا، قادرة على تهدئة النفس وتخفيف حدة التوتر. وحتى إذا لم تكن رياضيًا أو ابتعدت عن لياقتك المعهودة، فلا يزال بإمكانك جني فوائد التمارين في تقليل التوتر.

تعرَّف على العلاقة الوثيقة بين التمارين وتخفيف التوتر، واستكشف ضرورة إدراجها ضمن الخطة التي تتبعها للتحكم في التوتر.

ممارسة التمارين الرياضية وتخفيف الضغط

تُحسِّن التمارين الرياضية صحتك وشعورك العام بالراحة، فهي تمدك بطاقة متجددة يومًا بعد يوم. كما أن لها فوائد ملموسة في التخفيف من التوتر.

  • إنها تُنشِّط إنتاج الإندورفينات في الجسم. قد تُسهم الأنشطة البدنية في تحفيز إنتاج النواقل العصبية التي يفرزها الدماغ وتبعث شعورًا بالراحة، المعروفة بالإندورفينات. وتعزز التمارين تحديدًا من إفراز مادة كيميائية في الدماغ تُعرف باسم "بيتا-إندورفين". قد تُسهم هذه المادة في تعزيز مشاعر السعادة والتخفيف من الإحساس بالألم. يُشار إلى هذه الحالة كثيرًا بأنها "نشوة العدَّاء". قد يُولِّد أي نشاط هوائي، كأن تخوض مباراة تنس ممتعة أو لعبة بيكلبول أو حتى نزهة هادئة في أحضان الطبيعة، ذلك الشعور بالسعادة. وقد أظهرت الأبحاث أن التمارين الرياضية تعزز أيضًا مواد دماغية أخرى تساعد على تخفيف الألم.
  • إنها تُقلِّل من الآثار السلبية للتوتر. قد توفّر التمارين متنفسًا حينما يتفاعل الجسم مع التوتر، كما في حالة "الكرّ أو الفرّ". ويمكنها أن تُدرِّب أنظمة الجسم على الاستجابة المتناغمة مع التوتر.

    فهذا الانسجام قد ينعكس إيجابًا على مختلف أعضاء الجسم، من القلب والأوعية الدموية إلى الجهاز الهضمي والجهاز المناعي، ما يمنحك وقاية من الآثار الضارة للتوتر. فمثلاً، قد تُقلّل من سرعة القلب أثناء الراحة، وتخفض ضغط الدم، وتُعزز قوة الجهاز المناعي. بل قد تُسهم حتى في التخفيف من آثار التقدُّم في العمر.

  • إنها تمنحك فرصة للتأمل أثناء الحركة. فبعد مباراة مضرب أو نزهة طويلة أو ركض أو سباحة، قد تُفاجَأ بأنك نسيتَ كل ما أزعجك خلال اليوم. وقد تجد نفسك منهمكًا بالكامل في حركة جسمك وتنفسك، فلا يشغلك سواهما أثناء التمرين.

    ومع المواظبة على تفريغ توتر يومك من خلال الحركة والنشاط البدني، قد تكتشف أن التركيز على مهمة واحدة يهبك هدوءًا داخليًا. وهذا كفيل بأن يعزِّز طاقتك ويبعث فيك روح التفاؤل. وقد يعينك على التركيز والتفكير بصفاء ذهني، بل حتى على تنشيط خيالك وتنمية مهاراتك في حل المشكلات.

  • إنها تُحسِّن مزاجك. قد تُعزِّز ممارسة الرياضة بضع مرات في الأسبوع ثقتك بنفسك، وتُحسِّن مزاجك، وتعينك على الاسترخاء، وتقلّل من أعراض الاكتئاب الخفيف والقلق. كما أن التمارين قد تُحسِّن جودة النوم الذي كثيرًا ما يضطرب بفعل التوتر والاكتئاب والقلق. وكل هذه الفوائد التي تمنحك إياها الرياضة قد تخفِّف من مستوى توترك، وتعينك على إدارة جسمك وحياتك على نحوٍ أفضل.

استعن بالتمارين ووسائل تخفيف التوتر لمساعدتك

تبدأ برامج التمارين الرياضية الناجحة بخطوات بسيطة.

  • استشر اختصاصي الرعاية الصحية الذي تتابع معه. إذا كنت قد امتنعت عن ممارسة التمارين فترة طويلة أو كانت لديك بعض المشكلات الصحية، فلا بد من استشارة اختصاصي الرعاية الصحية قبل أن تبدأ خطة تمرين جديدة.
  • ابدأ بالمشي أولاً، ثم تدرج إلى الركض. ابدأ بهدوء، وارتقِ بمستوى نشاطك تدريجيًا. قد يدفعك الحماس الزائد لخطة التمارين الجديدة إلى المبالغة، ما يفضي إلى الإرهاق أو حتى الإصابات.

    يُنصح معظم البالغين الأصحاء بممارسة النشاط الهوائي المعتدل مدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا، أو النشاط الهوائي القوي مدة لا تقل عن 75 دقيقة. ويمكنك دمج النوعين معًا. من أمثلة النشاط الهوائي المعتدل: المشي السريع، وركوب الدراجات الهوائية، والسباحة. أما النشاط الهوائي القوي فيشمل مثلاً الركض أو السباحة المتواصلة.

    اجعل هدفك أن تمارس التمارين معظم أيام الأسبوع. ولتحقيق فوائد إضافية والإسهام في تسريع عملية إنقاص الوزن، مارس النشاط الهوائي المعتدل مدة 300 دقيقة أو أكثر أسبوعيًا. كما يُستحسن أداء تمارين القوة لكل المجموعات العضلية الرئيسية، مرتين على الأقل في الأسبوع.

  • مارس ما يسرُّ نفسك. فإنَّ كلَّ نوع من أنواع التمارين أو الحركة يمكنه أن يُعزِّز لياقتك ويخفف التوتر. والأهم أن تختار النشاط الذي تستمتع به. فمثلاً، يمكنك تجربة المشي، أو صعود الدَّرَج، أو الركض، أو الرقص، أو ركوب الدراجة، أو اليوغا أو التاي تشي، أو البستنة، أو رفع الأثقال، أو السباحة.

    وتذكَّر، لست مضطرًا إلى الانضمام إلى صالة رياضية لتبدأ بالحركة. اخرج في نزهة مع من تحب، أو جرِّب تمارين بالاعتماد على وزن جسمك، أو مارس اليوغا من خلال فيديو في راحة منزلك.

  • حدّد وقتًا في جدولك. اعتمادًا على نمط حياتك، قد تجد أنك تحتاج إلى التمرين صباحًا في أحد الأيام، ومساءً في يوم آخر. لكن تخصيص وقتٍ للحركة يوميًا يعينك على جعل التمرين أولوية دائمة في حياتك. لذا وزِّع مواعيد التمرين على مدار الأسبوع بحسب جدولك.

التزم بما أنجزت

الخطوة الأولى، ببساطة، الشروعُ في برنامج رياضي منتظم. وإليك بعض الإرشادات التي قد تُعينك على الالتزام ببرنامج رياضي جديد أو تجديد النشاط في التمارين المعتادة:

  • حدِّد أهدافك وفق نهج SMART الذكي. اكتب أهدافك بأسلوب SMART، الذي يضمن أن تكون محددة وواضحة، وقابلة للقياس، وممكنة التحقيق، وواقعية، ومقيدة بزمن محدد.

    فمثلاً، اختر وقتًا مناسبًا ضمن جدولك اليومي لممارسة الرياضة بانتظام. وإن كان هدفك الرئيسي تقليل التوتر، فيمكنك وضع هدف واضح، كالمشي في ساعة الغداء ثلاث مرات أسبوعيًا. كما يمكنك تحديد هدف لأداء التمارين عبر مقاطع اللياقة المتوفرة على الإنترنت، مرتين في الأسبوع، وأنت في منزلك. وإن كان لديك أطفال ولا يوجد من يعتني بهم، ففكر في الاستعانة بجليسة أطفال لتتمكن من حضور دورة تدريبية لركوب الدراجات مرة في الأسبوع. وجدير بالذكر أن بعض الصالات الرياضية تُوفِّر خدمة رعاية للأطفال.

  • ابحث عن رفيق درب. قد يكون مجرد العلم بأن هناك من ينتظرك في الصالة الرياضية أو الحديقة حافزًا قويًا. رَتِّب لقاءات مع أصدقائك من أجل المشي أو ممارسة الرياضة. فإن ممارسة الرياضة مع صديق أو زميل أو فرد من العائلة تضيف أبعادًا جديدة من الحافز والالتزام. بل إن الأصدقاء يضفون على التمرين طابعًا من المتعة والمرح.
  • جَدِّد من برنامجك الرياضي. إذا كنت دائمًا ما تمارس الركض التنافسي، فلتفكر في خيارات أخرى أقل حدة قد تساعدك على التحكم في التوتر. جرِّب مثلاً دروس البيلاتيز أو اليوغا. وإضافة إلى ذلك، قد تعمل هذه التمارين الهادئة على تحسين أدائك في الجري وتقليل التوتر في آن واحد.
  • قَسِّم التمارين إلى فترات قصيرة. حتى القليل من النشاط البدني قد يعود عليك بفوائد جمة. يمكن أن يتراكم تأثير النشاط البدني على مدار اليوم ليحقق لك فوائد صحية ملموسة. فمثلاً، إذا لم تستطع تخصيص 30 دقيقة للمشي، فجرب أن تمشي عدة مرات، كل مرة عشر دقائق. وخذ استراحة في منتصف الصباح أو بعد الظهر لتحرك جسمك وتمارس بعض تمارين الإطالة، أو للمشي، أو لممارسة تمارين القرفصاء أو الضغط.
  • أو جرِّب التدريب الفتري (المتقطع)، الذي يتضمن فترات قصيرة (30 إلى 60 ثانية) من النشاط المكثف بأقصى جهد ممكن. فهذا النوع من التدريب آمن وفعال وكفيل بأن يجني لك كثيرًا من فوائد التمارين طويلة المدة.

الأهم أن تجعل النشاط البدني جزءًا من نمط حياتك الأسبوعي. ولا تنظر إلى التمارين كعبء إضافي ضمن مهامك اليومية. لكن اختر نشاطًا تستمتع به واجعله جزءًا من جدولك الأسبوعي واليومي. ربما تجد متعتك في مباراة تنس أو بيكلبول نشطة، أو ربما تُفضل المشي التأملي في الحي. يمكن أن يعينك كل نوع من النشاط البدني على الاسترخاء ليصبح جزءًا مهمًا من نهجك في تقليل التوتر.

24/09/2025 انظر المزيد من التفاصيل الشاملة