د. ألبرتو بوكيتينو، قسم الجراحة القلبية الوعائية في مايو كلينك: معكم ألبرتو بوكيتينو، اختصاصي الجراحة القلبية الوعائية في مايو كلينك في مدينة روتشستر، بولاية مينيسوتا. أهتم على وجه التحديد بجراحة الشريان الأورطي، وأتحدث اليوم عن عملية تُعرف باسم استبدال الجذر الأورطي مع استبقاء الصمام.

جذر الأورطي هو بداية الشريان الأورطي. وهو موجود في المنطقة الواصلة بين حجيرة الضخ الرئيسية في القلب وبين بقية الشريان الأورطي. ويحتوي على الصمام الأورطي ومنشأ الشرايين التاجية. ما يستدعي استبدال جذر الشريان الأورطي هو وجود تتمدد الأوعية الدموية الأورطي. وتمدد الأوعية الدموية هو تضخّم غير طبيعي في أحد الأوعية الدموية. ويُستخدَم أقصى قطر لتمدد الأوعية الدموية في تقييم خطر تمزّقها أو تسلّخها. وعلى مستوى جذر الشريان الأورطي، يُرى أن القطر الأقصى الذي يبلغ 5.5 سنتيمترات هو الحجم الذي يشير إلى ضرورة إجراء جراحة الاستبدال على معظم المرضى. وتستوجب الحالات التي يكون فيها جدار الشريان الأورطي أضعف بطبيعته التدخل الجراحي حتى وإن كان القُطر أقل من ذلك. وتنتج معظم هذه الحالات عن اضطراب وراثي في جدار الشريان الأورطي. والاضطراب الشائع هو متلازمة مارفان، ولكن كُشِف عن اضطرابات نادرة أخرى مثل متلازمة إيلر-دانلوس، ومتلازمة لويز-ديتز، وغيرهما. ومع ذلك، فإن الاضطراب الوراثي الأورطي الأكثر شيوعًا حتى الآن ويؤثر في جذر الشريان الأورطي هو مرض الصمام الأورطي ثنائي الشرف. وفي كل هؤلاء المرضى المصابين بحالات مَرَضية عالية الخطورة، ينبغي تخفيض محفز التدخل الجراحي إلى 5 سنتيمترات لدى العديد من مرضى الصمام الأورطي ثنائي الشرف، و4.5 سنتيمترات لدى معظم مرضى متلازمة مارفان والمزيد من الاضطرابات الوراثية الخطيرة الأخرى.

لقد كانت جراحة استبدال جذر الشريان الأورطي تتطلّب في السابق استبدال الصمام الأورطي الموجود فيه، حتى وإن لم يكن الصمام متأثرًا بمرض شديد. وفي البالغين الأصغر سنًّا، كان يوصَى بتركيب صمام أورطي ميكانيكي بفضل عمره الافتراضي الطويل، ولكنه يتطلّب منع تخثّر الدم مدى الحياة باستخدام أدوية مميعة للدم مثل كومادين. لن يتطلب الصمام الأورطي النسيجي البديل الكومادين، ولكن عمره الافتراضي قصير، ما يستدعي إعادة إجراء الجراحة. لقد أدّى التحفّظ في استبدال جذر الشريان الأورطي عند وجوده داخل صمام أورطي طبيعي إلى تطوير تقنيات في الثمانينيات تستهدف الحفاظ على الصمام الأصلي. وقد عُرفت أول محاولة باسم إعادة التشكيل، تبعتها طريقة إعادة الزرع التي أجراها لأول مرة تيرون ديفيد. وقد ثبت في السنوات اللاحقة أن طريقة إعادة الزرع هي الأكثر استمرارية. المبدأ الجراحي هو استبدال الجذر الأورطي كله من الموصل البطيني الحلقي إلى ما يُسمَّى "الموصل الجيبي الأنبوبي" باستخدام أنبوب طُعم داكرون. وداخل ذلك الأنبوب يُعاد زرع الصمام الأورطي ثلاثي الأبعاد، وإلى هذا يرجع سبب التسمية. على مدار السنوات اللاحقة، ثبتت فعالية وأمان إعادة زرع الجذر الأورطي التي تُعرف أحيانًا باسم "عملية ديفيد" في المراكز المتخصصة على أيدي جراحين متخصصين في عمليات الشريان الأورطي. وعلى الرغم من أن النتائج على المدى الطويل كانت إيجابية للغاية، فإن الصمام الأورطي الأصلي لدى بعض المرضى قد يستمرّ في التدهور، ما يتطلب مراقبة طويلة الأمد، أو استبدال الصمام في النهاية لدى بعض الحالات.

ومع مرور السنوات، حُددت العوامل التي تؤثر في نجاح نتيجة الإجراء. على سبيل المثال، كلما زاد حجم تمدد الأوعية الدموية، زاد تشوّه شرفة الصمام الأورطي، ما يؤدي إلى قصور أشدّ في الصمام الأورطي. ومع زيادة القصور الأورطي المُزمن، يزداد التليُّف وتحدث اضطرابات في الشرف؛ ما يؤدي إلى انخفاض نسبة نجاح الحفاظ على الصمام، وانخفاض مدة استمرار الصمام المحفوظ على المدى الطويل. وهذا قد أوجب التدخل المبكر في بعض المرضى للسماح بعمل الصمام لمدة طويلة داخل الجذر المستبدَل.

رغم هذا الاتجاه العام في الجراحات السابقة، فقد واصلتُ خلال ممارستي استخدام القطر الأورطي الأقصى وعوامل الخطورة الوراثية لتحديد مدى ملاءمة استبدال الجذر. وفي بداية فترة تطوير استبدال الجذر مع الإبقاء على الصمام، لم تكن الصمامات الأورطية ثنائية الشرف مؤهلة للعملية، بسبب الاضطراب المتأصل في هذه الصمامات. وقد تحققت في الآونة الأخيرة نتائج مبشّرة في علاج تمدد الأوعية الدموية في جذر الشريان، في الحالات التي تؤدي فيها الصمامات الأورطية ثنائية الشرف وظائفها جيدًا. وعلى الرغم من أن النتائج طويلة الأمد في هذه المجموعة من المرضى قد تكون أقل جودة من النتائج المحققة في الصمام الأورطي ثلاثي الشرف، فمن المرجح أن يكون الصمام ثنائي الشرف أيضًا قوي التحمّل. ولكن للأسف، هناك عدد كبير من الصمامات ثنائية الشرف في مرضى تمدد الأوعية الدموية بالجذر ليست طبيعية وتتطلب استبدال الصمام.

خلاصة القول، ينبغي أن يكون استبدال جذر الشريان الأورطي مستندًا إلى حجم تمدد الأوعية الدموية في الجذر الأورطي وإلى عوامل الخطورة الوراثية. وإذا كانت شُرَف الصمام الأورطي في حال جيدة ويمكن الإبقاء عليها، فذلك هو الأفضل. ولكن إذا كان في الشرف اضطرابات شديدة، وليس من المرجح أن ترميمها سيستمر طويلاً، فينبغي استبدال الصمام وتركيب بديل صناعي ملائم حسب احتياجات كل مريض. وينبغي الاحتكام إلى الرأي السريري عند اتخاذ قرار إجراء العملية، إمّا لتجنّب هذا التدخل المبكر، وإمّا لإجراء الجراحة؛ وذلك لتحسين الفوائد التي تعود على المريض، حتى وإن كان هذا يتضمّن أحيانًا استبدال الصمام الأورطي.

30/01/2024