الباحث في Mayo Clinic، نيكولاس شيا، حاصل على درجة الدكتوراه، يصعب تصنيفه ضمن قسم معين. هل هو عالم فيزياء؟ لديه شهادة دكتوراه لكنه لا يعمل في الفيزياء. هل هو عالم في الأحياء الدقيقة؟ إنه يعمل في هذا المجال كل يوم، لكنه لم يدرس علم الأحياء رسميًا بعد المدرسة الثانوية. هل هو طبيب جراح؟ إنه حاصل على موعد في الجراحة التجريبية لكنه لن يمسك المشرط مطلقًا.

إذًا، ما الذي يفعله الفيزيائي الذي تحول إلى عالم أحياء دقيقة في Mayo Clinic؟ إنه يطبق وجهة نظره غير العادية على الميكروبات — أو بشكل أكثر ملاءمة، العلاقات بين الميكروبات وجسمك وبين بعضها البعض. نعم، إنها تلك الكائنات الدقيقة جدًا التي تعيش على جسمك وبداخله الآن. وهناك الكثير منها الذي ينبغي دراسته.

يقول الدكتور شيا، المدير المساعد لبرنامج Microbiome بمركز Mayo Clinic للطب الفردي: "لديك تريليونات من هذه الحشرات، وقد تكون موجودة بأي عدد من المجموعات، لكن بعض هذه المجموعات المختلفة تشترك في السمات التي تؤدي إلى تطور المرض." "وهذا ما نحتاج إلى فهمه."

قدرة الدكتور شيا الفريدة على رؤية الأنماط في الأنظمة الكبيرة دفعته من الفيزياء النظرية إلى علم الأحياء المجهرية. إضافة إلى ذلك، الدفعة القوية التي دفعها له معلمه، نايجل جولدنفيلد، حاصل على درجة الدكتوراه، أستاذ في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين، بتسجيله للدكتور شيا لتطبيق مهاراته في التحليل الإحصائي على الميكروبات.

وقال الدكتور شيا: "لقد قال لي، غيّر طريقة تطبيق علم الأحياء". "وقد أخذت ما قاله على محمل الجد."

العثور على النمط

تتفاعل الميكروبات في الجلد والعين والجهاز الهضمي،وعليها، وفي أيّ مكان آخر، مع بعضها، وتقوم بتكوين روابط وأنماط. ولكن معرفة هذه الأنماط ليست مهمة بسيطة؛ حيث تتضاعف التعقيدات بسرعة مثل تضاعف أعداد الميكروبات نفسها.

ويوجد في الجهاز الهضمي البشري أكثر من 100 ميكروب مختلف وأكثر من 5000 تفاعل بين الميكروبات تحتاج إلى الدراسة.

وللعثور على الإجابات في هذا النظام المعقد، يركز د. شيا تركيزًا أقل على الأنواع الفردية من الميكروبات نفسها وتركيزًا أكثر على كيفية عملها في تركيبات معينة مع الميكروبات الأخرى وعلى الخلايا البشرية. وهذا المجال الذي ساعد على ظهور خلفيته العلمية في الفيزياء، وهو ما سمح له بإنشاء نماذج بيانات جديدة؛ لشرح هذه التفاعلات.

يقول د. جيانريكو فاروجيا، الحاصل على الدكتوراه، ومدير مركز الطب الفردي في Mayo Clinic: "يقدم العلماء من خارج المجالات الطبية التقليدية، مثل نيك شيا، الخبرات حول كيفية التعامل مع الأنظمة المعقدة، مثل تلك الموجودة في البيئة الميكروبية. وأعماله تساعد على الاستفادة من البيانات المكتشفة التي يحققها موفرو الرعاية الطبية وهي ضرورية؛ لتواصل Mayo Clinic تقديم الرعاية عالية الجودة."

توجيه الإيقاع

بتمويل من Center for Individualized Medicine (مركز الطب الفردي)، يحتل الدكتور شيا مركز الصدارة في الأبحاث التي تُظهر أنه يمكن التنبُّؤ بالسلوك الميكروبي بدقة دون دراسة أي تفاعل.

للمساعدة في شرح المفهوم، يقول الدكتور شيا تخيَّل حفلًا لموسيقى الروك. يمكن للعازفين على المسرح توجيه الإيقاع الذي سيحرِّك الجمهور. وعند نقطة معينة، يمكن أن يلهب زعيم الفرقة مشاعر الجماهير بالأغاني سريعة الإيقاع أو أن يتراجع لتخفيف الأجواء المشحونة بالمشاعر من خلال الأغاني الأبطأ إيقاعًا. وتُنسَّق كل هذه التفاعلات من قبل الأشخاص الذين يقودون الجمهور - وهم، في هذه الحالة، العازفون. لذا، فليس من المستغرَب أن يتحرك الجمهور في حفل موسيقى الروك على الإيقاع نفسه.

ولكن ما الذي يحدث عندما يندلع شجار؟ لم تعد الموسيقى هي التي تملي تفاعلات الجمهور. للمراقب العادي، قد تبدو التفاعلات عشوائية ولا يمكن التنبؤ بها، ولكن مع دراسة عدد كافٍ من هذه الحالات والأنماط - سيتحرك معظم الأفراد الموجودين حول منطقة الشجار مبتعدين عنها، وسيقترب بعضهم أكثر، وسينضم بعضهم إلى الشجار. وعندما يختل توازن الميكروبات لدينا، قد يسفر عن ذلك فوضى مماثلة. ويمثل العثور على أنماط وسط الاضطرابات أهمية بالغة لحل المشكلة.

بمساعدة المتبرعين، يفتح عمل الدكتور شيا مجالات بحث جديدة. على سبيل المثال، عندما فحص ميكروب الرحم مع بعض الزملاء المتخصصين في سرطان بطانة الرحم، حققوا اكتشافًا رائدًا.

يقول الدكتور شيا الذي يأمل أن يؤدي البحث إلى اختبار للكشف عن المراحل المبكرة من سرطان بطانة الرحم، وبالتالي منح الأطباء معلومات مهمة لتصميم العلاجات لتلبية احتياجات المريضات الفردية، "لقد وجدنا أنه في حالات السرطان، هناك بعض الميكروبات المرتبطة بشكلٍ كاملٍ بسرطان بطانة الرحم لا تكون موجودة في حالات استئصال الرحم الحميد". "ولم نكن لنتمكن أبدًا من استكشاف هذا الأمر دون التبرعات الخيرية."

وبالتعاون مع الطبيب البشري جون كي ديبيس، (دكتور في الطب) من Mayo Clinic، يطبق الدكتور شيا أفكاره لفهم كيف تتسبب مثبطات مضخة البروتون أقل تنوعًا في بكتيريا الأمعاء. ويعرّض هذا الخلل الأشخاص لتزايد مخاطر الإصابة بالعدوى مثل المطثية العسيرة والالتهاب الرئوي، وكذلك نقص الفيتامينات وكسور العظام.

يذكر الدكتور ديبيس: "تتزايد الأدلة منذ سنوات على أن استخدام مثبطات مضخة البروتون على المدى الطويل يعرض لتزايد مخاطر الإصابة بمجموعة متنوعة من الحالات الطبية الثانوية، غير أننا لم نفهم السبب وراء ذلك". "وما تفعله هذه الدراسة هو توضيح تفسير محتمل لهذه الآثار الجانبية لأول مرة."

وهذا بالضبط هو نوع الفهم الذي يقدمه الدكتور شيا إلى المجالات التي كنا نعتقد أنها عشوائية وغير معروفة.

يقول الدكتور شيا: "هذا هو ما نهدف إليه". "أن أستفيد بما تعلمته وأنقله إلى مجال العلوم. وهي طريقة مختلفة للنظر إلى الأشياء."

بدعمكم، يمكننا التوصل إلى طرق جديدة لمهاجمة المرض والتوصل إلى إجابات. قدّم هديتك اليوم.

• تبادلها عبر
• ارسلها في تغريدة