في طريق العودة

امرأة من ولاية داكوتا الشمالية تتصدَّر أبحاث الصَّرَع بجهاز مزروع

من إعداد فريق مايو كلينك

بدأت نوبة Sheri Finstad أثناء الليل ونالت منها حتى سعت للحصول على المساعدة في Mayo Clinic (مايو كلينك).

تتعطل الدوائر الكهربية بالدماغ بشكل تلقائي لدى الأشخاص الذين يعيشون بمرض الصرع، والذين يبلغ عددهم 50 مليون طفل وبالغ حول العالم. لا توفر الأدوية الموجودة لحوالي ثلث عدد المرضى، منهم مليون مريض في الولايات المتحدة فقط، أي راحة ويجب عليهم استكشاف الخيارات الأكثر توغلاً.

كانت Sheri Finstad واحدة من أولئك المرضى. فقد قررت منذ خمسة أعوام أن تغامر باستخدام جهاز جديد. ووضعها قرارها في طليعة الجيل القادم من علاجات الصرع.

في طريق العودة

بدأ صرع شيري كسلسلة من نوبات ارتعاش عنيفة في الليل. وكان هناك ترشيح. وشعور بالحوف. ولكن كان يمكن تحمل الأمر.

وعندما بدأت النوبات في الهجوم في أثناء النهار، شعرت شيري بأنها على وشك فقدان حياتها.

تقول شيري: "كنت أعلم جيدًا أن بقائي بمفردي لا يُعد أمرًا آمنًا بالنسبة لي". "في عملي كأخصائية اجتماعية في مجال حماية الأطفال، تواجدت دائمًا في أماكن أو بيئات كان من المحتمل أن تكون غير آمنة، لذلك لا يمكنني القيام بذلك بعد الآن".

لقد توقفت عن القيادة. قامت بتغير وظيفتها. تخلت عن حلمها في أن تصبح أمًا ذات يوم. حتى حمل طفل رضيع يسبب لها الشعور بالخوف الشديد. ماذا سيحدث لو عانت نوبة؟ ماذا سيحدث لو سقط الطفل منها؟

تجربة كل الأمور

لقد وقعت الحادثة التي قلبت حياة شيري في أثناء العطلة العائلية في شمال مينيسوتا، وهذا عند إصابتها بنوبة صرع كبرى، وهي النوع الذي يتخيله معظم الأفراد عند التفكير في النوبات. فقد غارت عينها في الجزء الخلفي من الرأس، واهتزت بقوة وفقدت الوعي. وقد أصابت النوبة شيري وعائلتها بالذهول.

وقضت شيري العقد التالي من عمرها في تنظيم حياتها المتمركزة حول النوبات: وكان لديها قائمة بالأدوية، والنظام الغذائي الكيتوني قليل الكبروهيدرات، والأطعمة عالية الدهون، وجراحة لزراعة جهاز تحفيز العصب المبهم.

ولكن مع مرور الوقت، زاد تفاقم حِدة وتكرار النوبات التي تصيب شيري. بعد ذلك، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2013، تناولت شيري ملفًا في درج المكتب في العمل، وأصابتها نوبة صرع كبرى أخرى.

وتحكي وتقول: "انتهت النوبة بالسقوط وفقدان الوعي والإصابة، ولكن لحسن الحظ، كان حولي زملائي الذين ساعدوني على الفور."

وللاستعداد لخطة علاجية أفضل، قضت الأسبوع التالي في وحدة مراقبة الصرع في Mayo Clinic بروتشستر، بمينيسوتا؛ حيث خضعت للفحص.

ولم تنسَ شيري مكالمة الاطمئنان والمتابعة التي وصلتها من فريق الرعاية. فتقول: "كنت مع أمي متوجهة إلى الصيدلية للحصول على دواء مضاد للنوبات. تلقيت المكالمة وبدأت الدموع تنساب من عيني وعجزت عن حبسها."

وقد أشار فريقها العلاجي إلى أنها ربما تكون مرشحة لجراحة علاج الصرع، ولكن قد يتطلب هذا الأمر عودتها لزراعة الأقطاب داخل القحف مباشرةً في دماغها، لتسجيل النشاط الكهربائي. وكانت هذه العملية ضرورية؛ لتحديد ما إذا كان إزالة جزء من الدماغ، والمعروفة باسم جراحة الاسئتصال، خيارًا أم لا. ولم يكن القرار الذي اتخذته شيري أو فريق الرعاية الخاص بها في Mayo Clinic ببساطة، فقد كانت الخيارات تنفد أمامها.

تقول شيري: "لقد جربنا كل الخيارات. ولكن النوبات كانت تتفاقم.

أوه! وماذا الآن؟

نظر Gregory A. Worrell, M.D., Ph.D. وSheri Finstad بإمعان في الخيارات المتاحة قبل اتخاذ قرار زراعة جهاز طبي يرصد نوباتها الصرعية المُقاوِمة للدَّواء.

في (كانون الثاني/يناير) 2014، سافرت شيري وزوجها كريس من الطريق السريع "إيسي" من فارغو، شمال داكوتا، إلى مدينة روتشستر، ولاية مينيسوتا من أجل العملية.

أظهرت عملية حج القحف لشيري، التي تركت فتحة في الجمجمة لزرع أقطاب كهربية وتسجيل التشنجات، أن لديها مركزين في المخ يسببان التشنجات وليس مركزًا واحدًا. يقع واحد من هذه المراكز في الحُصين، وهي منطقة حرجة تُسجل الذكريات فيها، وبذلك لم يكن هناك خيار لجراحة إضافية لشيري.

تتذكر شيري، بصوت ضعيف كأنه همس، إحساسها بفقدان الأمل والخيبة بعد عملية حج القحف، "أوه! ماذا الآن؟"

ما الشيء الفريد في هاتين الدقيقتين؟

يتساءل ما يقرب من مليون مريض بالصرع نفس الأسئلة: ""أُفٍّ، ماذا الآن؟" وللعثور على إجابة، يحتاج الباحثون إلى فهم المزيد حول تركيب الدماغ ووظيفته، وتطبيق ذلك على ما يحدث في الدماغ أثناء النوبة.

يوضح جريجوري أيه ووريل (دكتور في الطب)، والحاصل على الدكتوراه، أن "النوبة لا تستغرق سوى دقيقة أو دقيقتين". "ولذلك، فأنت شخص طبيعي لأكثر من 99.9% من الوقت. ما نحاول أن نكتشفه هو، ما الشيء الفريد في هاتين الدقيقتين؟"

يقوم فريق من أطباء الأعصاب تابع لـ Mayo Clinic، ويتضمن مات ستيد، (دكتور في الطب)، والحاصل على درجة الدكتوراه، وجيمي جيه فان جومبيل، (دكتور في الطب)، وبريان تي كلاسين، (دكتور في الطب)، ومارك أيه بينسكوتر، الحاصل على الدكتوراه باستكشاف تجارب لتحسين الأجهزة والعلاجات الموجودة بالنسبة لمرضى الصرع.

يُطلق على واحدة من هذه الأجهزة التجريبية Activa PC+S. من خلال تعاون بين Mayo Clinic وشركة Medtronic للأجهزة الطبية، وُجد أن جهاز Activa PC+S يقوم بعمل أمرين: يمكنه تحليل أنماط نشاط الدماغ للكشف عن النوبات، وقد يصبح قادرًا في المستقبل على اكتشاف النوبات قبل حدوثها، واستخدام تلك المعلومات لإرسال شحنة كهربائية لإيقاف هذه النوبات.

توجد حاليًّا في السوق أجهزة ترسل تحفيزًا كهربائيًّا بوجود نوبات، ولكن سيتيح كلا من Activa PC+S وإصدار الجيل التالي منه PC+S للأطباء بتتبع نشاط دماغ المريض، وتنزيله على خادم، وذلك عندما يعود المريض مرة أخرى إلى Mayo لإجراء الفحوصات.

كشف التقييم السابق لشيري أنها كانت مرشحة لمثل هذا الجهاز.

مساعدة الآخرين ــ إنه أمر رائع

يتطلع Chris وSheri Finstad إلى مستقبل أكثر إشراقًا، بما في ذلك إمكانية تكوين عائلة جديدة.

في أكتوبر عام 2014، زرع جراحون جهاز Activa PC+S مقترن بقطبين كهربائيين في عمق دماغ شيري وبأسلاك تنتقل تحت الجلد إلى علبة بطاريات بحجم مجموعة أوراق مزروعة أسفل عظمة الترقوة.

ويقول الدكتور ستيد: "يمكننا أن نرى بالضبط ما يفعله تحفيزنا في النشاط المستمر داخل الدماغ". "هذا سيتيح لنا أن نأمل في اكتساب فهم أفضل لأنماط التحفيز وأنواعه التي من المرجح أن تكبت ميل المريض نحو التعرض للنوبات".

شيري هي واحدة من خمسة أشخاص يعانون من الصرع المقاوم للأدوية ممن شاركوا في التجربة. ولا تزال تعاني من التعرض للنوبات، لكن على مدار العامين الماضيين شهدت انخفاضًا في تكرار النوبات وحدتها، مع البقاء لفترات تمتد لثلاثة أشهر دون نوبات.

وتقول شيري: "يدهشني أن أعرف أنني أساعد في رسم مستقبل للدواء". "أن تعرف أن المشاركة في هذا البحث الطبي يساعد المجتمع الطبي، ويساعد الآخرين ــ إنه أمر رائع".

بفضل عملية الزرع، يمكن لشيري أن تبقى في الغرفة بمفردها. لقد عادت تتألق كعاملة اجتماعية مرةً أخرى. وبفضل ثقتها المتجددة، يمكنها حمل طفل دون خوف. تفكر هي وكريس في تكوين عائلة خاصة بهما.

وتقول: "إنه شيء لم أتمكن حتى من الحلم به لفترة طويلة". "أكاد أطير من السعادة".

تبدأ Mayo Clinic وفي ذهنها هدف واحد ألا وهو تلبية احتياجات مرضانا بأفضل طريقة ممكنة. شكرًا على دعمكم.

مستقبل علاج الصَّرَع

عدم القدرة على التنبُّؤ. هذا ما يجعل من الصعب جدًّا التعامل مع النوبات.

ومع ذلك، يعمل أطباء الأعصاب في Mayo Clinic على إبطاء حالة عدم اليقين أو وقفها من خلال تطوير جهاز تنبُّؤ يساعد على التنبُّؤ بالنوبات.

يَجْمَع الجهاز بين بيانات النشاط الكهربائي التي يتمُّ تسجيلها بواسطة أقطاب كهربائية يتم زرعها في المخ مع بيانات تاريخ المريض لتنبيه المستخدم، على هاتفه المحمول مثلًا، بأي نوبة محتمَلة قبل حدوثها.

إذا كان لدى الشخص نمط كهربائي غير منتظِم فجأة أو نشاط كهربائي متزايد في منطقة من الدماغ، يتلقَّى المستخدم تنبيه "العاصفة".

يُمكِن للشخص استخدام هذه المعلومات لاختيار البقاء في المنزل أو الاتصال بصديق. عندما يمرُّ الخطر، يتلقَّى المستخدم تحديثًا آخر. ولا يزال الجهاز في بداية الاختبار.