نستخدم المصطلح "تعذر الأداء النطقي لدى الأطفال" للإشارة إلى نوع معين من أنواع اضطرابات النطق والكلام. لذا فإن تعذر الأداء النطقي لدى الأطفال هو مجرد فئة تندرج تحتها مجموعة فرعية من حالات الأطفال المصابين باضطرابات النطق والكلام. ومع ذلك، فهي فئة مهمة لأنها تحدد هؤلاء الأطفال الذين يواجهون مشكلة معينة في تخطيط حركات النطق وبرمجتها. فهم لا يعانون من ضعف عضلات الوجه. ولا يواجهون صعوبة في التحدث بسبب أنهم لا يستطيعون تحريك عضلات الوجه. فعضلات الوجه لديهم تتحرك جيدًا أثناء أداء أنشطة أخرى مثل الأكل والمضغ والبلع، لكن عندما يريدون التحدث فإن أجزاء الدماغ المسؤولة عن تخطيط وبرمجة هذه الحركات لا تعمل بكفاءة. وفي النهاية سيواجه الأطفال صعوبة في إخراج الأصوات بطريقة سليمة.

عندما يتحدث الأطفال أو شخص آخر في الواقع، فإنهم يؤدون حركات بالفكين واللسان والشفتين وسقف الحلق لإصدار الأصوات. ولكي تحدث هذه الحركات بطريقة سليمة، يجب تخطيط آلية معينة لتحديد توقيت بدء حركة العضو والاتجاه الذي يتحرك فيه والسرعة المناسبة ومعدل انقباض العضلات بدرجة معينة. ويحدث كل ذلك لأن المعلومات الحسية العميقة الواردة يعالجها الدماغ، ثم تحدد مناطق أخرى في الدماغ معايير الحركة المناسبة. وهذا ما نعنيه بقولنا تخطيط حركة أصوات النطق وبرمجتها.

ولا يعاني الأطفال المصابون بتعذر الأداء النطقي بالضرورة من ضرر في الدماغ. بالتأكيد يُصاب بعض الأطفال بسكتة دماغية ويمكن أن ينتهي بهم المطاف إلى الإصابة بمشاكل في النطق نطلق عليها تعذر الأداء النطقي. وهناك أطفال آخرون يخضعون لجراحة لاستئصال أورام الدماغ أو أنواع أخرى من المشاكل العصبية الحقيقية والتي قد تؤدي إلى الإصابة بتعذر الأداء النطقي. ومع ذلك، معظم الأطفال المندرجين تحت هذه الفئة بسبب إصابتهم باضطراب في النطق لا تظهر عليهم أي علامات تشير إلى وجود ضرر في أدمغتهم. نحن نعلم أن الدماغ يتحكم في كل شيء نفعله، وأن سلوكيات هؤلاء الأطفال والصعوبة التي يواجهونها في الكلام تجعلنا نعتقد أن هناك مشاكل معينة في طريقة معالجة الدماغ للمعلومات الحسية العميقة وتخطيط حركة النطق التي تحول دون قدرة الطفل على تعلم الكلام بسهولة.

حسنًا، يجب أن يعلم الدماغ موضع أعضاء النطق وما إذا كانت ثابتة أم متحركة أم مشدودة أم مرتخية من أجل أن يحدد الخطوة التالية. على سبيل المثال، إذا أردت أن أقول "مرحبًا". يجب أن يعلم الدماغ: هل الفكين مغلقين؟ أم مفتوحين؟ يجب أن يعلم الموضع الذي يبدأ منه لكي يحدد شكل الحركات اللازمة لنطق كلمة "مرحبًا". لذا في الأساس تحدد مستقبلات الدماغ التي تتلقى المعلومات بشأن موضع أعضاء النطق وما إذا كانت متحركة أم ثابتة. ما الاتجاه الذي تتحرك فيه إن كانت متحركة؟ هل العضلات المسؤولة عن الحركة مشدودة؟ أم مرتخية؟ وبهذه الطريقة يستطيع الدماغ تخطيط وتحديد معايير الحركة المناسبة لمواصلة العمل.

24/09/2021