خصص بعضًا من وقتك لاستيعاب معنى التعرض لخطر الإصابة بالسرطان وكيفية قياس ذلك. فيمكن أن يساعدك هذا الأمر على إزالة أي لبس يحيط بفكرة التعر ض للإصابة بالسرطان.

من إعداد فريق مايو كلينك

قد يتساءل الشخص عن احتمالات الإصابة بالسرطان. ويُمكن للتقارير الحديثة أن تجعل المرء يشعر وكأن كل يوم يحمل أنباءً جديدة بشأن زيادة الخطر بدرجة كبيرة. كما أن المرء يُمكن أن ينخدع بتصنيف كل المعلومات ومعرفة ما الحقيقي منها.

عندما يتحدث العلماء عن الخطر، فإنهم يقصدون احتمال الحدوث. واحتمال الحدوث لا يعني أنه سيحدث حتمًا. فعلى سبيل المثال، إذا أجريت قرعة بعملة معدنية، فهناك احتمال من اثنين -أو احتمال بنسبة 50 في المئة- أن تسقط العملة ووجهها لأعلى.

تُحدَّد تقديرات خطورة الإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض بدراسة مجموعة كبيرة من الأشخاص. يركز الباحثون على احتمال إصابة فرد أو فئة من الأشخاص بالمرض خلال فترة زمنية معينة. ويبحثون أيضًا في الخصائص أو السلوكيات المرتبطة بزيادة خطورة الإصابة أو انخفاضها.

تنقسم المخاطر عمومًا إلى فئتين: خطورة مطلقة وخطورة نسبية.

الخطورة المطلقة

تشير الخطورة المطلقة إلى الاحتمالات العددية الفعلية أو احتمال الإصابة بالسرطان خلال فترة زمنية محددة. وقد تكون تلك الفترة الزمنية خلال سنة، أو خلال الخمس سنوات التالية، أو في عمر 50 أو 70، أو في مرحلة ما على مدار حياة الشخص.

من أنواع الخطورة المطلقة الخطر العُمْري. ويُقصد بالخطر العُمْري احتمال إصابة الشخص بالسرطان على مدار حياته. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة الخطورة المطلقة لإصابة الرجل الأمريكي بسرطان البروستاتا على مدار حياته 13%. وبعبارة أخرى، يصاب نحو 13 من كل 100 رجل بسرطان البروستاتا في مرحلة ما من حياتهم. وهذا يعني أيضًا أن 87 من كل 100 رجل لن يصابوا بسرطان البروستاتا.

لا يعني الخطر العُمْري أن الشخص سيصاب حتمًا بالسرطان في العام القادم أو في الأعوام الخمسة القادمة. إذ يرتبط خطر إصابة الشخص بالسرطان بعوامل أخرى مثل السن. على سبيل المثال، يبلغ الخطر العُمْري لإصابة المرأة الأمريكية بسرطان القولون والمستقيم حوالي 4%، أو نحو 40 من كل 1000 امرأة. لكن خطورة إصابتها بسرطان القولون والمستقيم قبل سن 50 تبلغ 0.4 بالمئة، أو نحو 4 نساء من كل 1000 امرأة.

الخطورة النسبية

الخطورة النسبية تعطيك مقارنة أو نسبة بدلًا من القيمة المطلقة. وتُظهر قوة العلاقة بين عامل الخطورة ونوع معين من السرطان. ويكون ذلك عن طريق مقارنة عدد أنواع السرطان لدى مجموعة من الأشخاص تجمعهم سمة محددة مع عدد أنواع السرطان لدى مجموعة أخرى من الأشخاص ليست لديهم هذه السمة.

على سبيل المثال، يمكن المقارنة بين الخطورة النسبية للإصابة بسرطان الرئة بين أشخاص مدخنين والخطورة النسبية للإصابة بسرطان الرئة بين مجموعة مماثلة من الأشخاص غير المدخنين. قد تسمع التعبير عن الخطورة النسبية على النحو التالي: خطر الإصابة بسرطان الرئة بين المدخنين أعلى بمقدار 25 مرة من خطر الإصابة بين غير المدخنين. لذا فإن الخطورة النسبية للإصابة بسرطان الرئة بين المدخنين هي 25.

ويمكن أن تُعطى الخطورة النسبية أيضًا على شكل نسبة. على سبيل المثال، خطر الإصابة بسرطان الرئة بين المدخنين أعلى بنسبة 2500% من خطر الإصابة به بين غير المدخنين.

حين تسمع عن الخطورة النسبية، فلن تجد حدًا أعلى لنسبة زيادة الخطورة. يظن أغلب الناس أن نسبة 100% هي أعلى خطورة ممكنة، لكن هذا ليس صحيحًا عند التعبير عن الخطورة النسبية.

تعني الخطورة النسبية التي تبلغ 100% أن خطر إصابة الشخص أعلى مرتين من خطر إصابة شخص آخر ليس لديه عامل الخطر. والخطورة النسبية التي تبلغ 200% تعني زيادة احتمال الإصابة بهذه الحالة بمقدار أعلى بثلاث مرات.

تبدو الخطورة أشد عند استخدام هذه المصطلحات. فقد تبدو زيادة الخطورة بنسبة 100% هائلة. لكن إذا بدأت الخطورة بنسبة واحد من كل 100 شخص، فإن زيادة الخطورة بنسبة 100% تعني فقط إصابة شخصين من كل 100 شخص.

تُستمَد معظم المعلومات عن خطر السرطان وعوامل الخطر من الدراسات التي تركز على مجموعات كبيرة ومحددة جيدًا من الأشخاص. وقد حدد الباحثون في أمراض السرطان الكثير من العوامل البيئية الرئيسية التي تسهم في الإصابة بالسرطان. ومنها التدخين بالنسبة لسرطان الرئة وضوء الشمس بالنسبة لسرطان الجلد. لكن الكشف عن مخاطر السرطان الأكثر دقة أمر صعب.

تعتمد الكثير من الدراسات حول عوامل خطر الإصابة بالسرطان على أساليب الملاحظة. وفي هذه الدراسات، يتابع الباحثون مجموعة من الأشخاص لعدة سنوات دون محاولة تغيير حياتهم أو تقديم علاج خاص. ويمكن لذلك أن يساعد العلماء على اكتشاف ما يؤدي إلى حدوث المرض، والأمور المشتركة بين هؤلاء الأشخاص، وأوجه الاختلاف بينهم وبين من لم يصبهم المرض.

قد تكون إحصاءات المخاطر مخيبة للآمال لأنها لا يمكن أن تخبرك باحتمال إصابتك بالسرطان. ربما تكون الدراسات قد توصلت إلى أن الرجال الأمريكيين تصل احتمالات إصابتهم بالسرطان إلى 40% تقريبًا في حياتهم. لكن هذا لا يعني أن احتمال إصابتك به يصل إلى 40% إذا كنت رجلاً. يعتمد خطر إصابتك على عدة عوامل مختلفة. قد تتضمن تلك العوامل العمر والعادات والتاريخ العائلي للإصابة بالسرطان والبيئة التي تعيش فيها.

وحتى في هذه الحالة، قد لا تنطبق عليك مجموعة عوامل الخطر. يتوقف مرض السرطان على الفرد نفسه. فربما يكون هناك شخصان من ذات العمر والجنس والعِرق والحالة الاجتماعية والاقتصادية وأنماط الحياة المتشابهة، رغم ذلك يظل لكل منهما حالته المختلفة. وتفيد إحصاءات المخاطر في تقديم عبارات النصائح العامة، مثل "يمكن أن تؤدي ممارسة الرياضة بانتظام إلى انخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السرطان". ولكن ممارسة الرياضة بانتظام لن تضمن عدم إصابتك بالسرطان.

استشر الطبيب بشأن احتمال إصابتك بالسرطان. فبإمكانه مراجعة عوامل الخطورة في حياتك والتي قد تزيد احتمال إصابتك. ومن ثَمَّ، يمكنك مناقشة ما ينبغي فعله لخفض هذا الاحتمال.

ربما تسمع تقريرًا إخباريًا عن دراسة يبدو أنها تشير إلى أنك قد تكون أكثر عرضة للإصابة بنوع معين من السرطان. لا تتسرع في الوصول إلى استنتاجات تعتمد على هذا التقرير الواحد. تمهل وفكر فيما يعنيه الخطر حقًّا.

لا تُعد الدراسات القائمة على الملاحظة دراسات مؤكدة. وهناك اتفاق بين الباحثين على أنه لا يمكن الاعتماد على نتائج دراسة واحدة فقط. وهذا هو السبب في أنك ترى أحيانًا دراسات لكل منها نتائج مختلفة.

يقيِّم العلماء الأدلة التي تعتمد عليها العديد من الدراسات البحثية مع مرور الوقت لتحديد ما إذا كانت نتيجة بعينها صحيحة أم لا. غير أن التقارير الإخبارية تركز على كل دراسة جديدة بصورة منفصلة عن غيرها، وذلك بدلًا من كونها جزءًا من صورة متطورة. قد يسبب ذلك أحيانًا ذعرًا أو ارتباكًا غير ضروري.

عند قراءتك أو رؤيتك لتقرير عن إحصائيات خطر الإصابة بالسرطان، عليك الانتباه إلى هذه التفاصيل:

  • من الأشخاص الذين وُضِعوا تحت الملاحظة؟ قد يذكر التقرير الإخباري أن نشاطًا معينًا يزيد خطر الإصابة بالسرطان لدى جماعة من الناس. ولكن من هم الأشخاص الذي وُضِعوا تحت الملاحظة في هذه الدراسة؟ انتبه إلى أعمار الأشخاص وسماتهم. فعلى سبيل المثال، قد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بأنواع معينة من السرطان بسبب خصائصهم الوراثية.
  • كم عدد الأشخاص الذين أُجريت عليهم الدراسة؟ على وجه العموم، تعدّ الدراسات التي تتضمن آلاف الأفراد أكثر دقة من تلك التي تفحص مجموعة صغيرة من الناس.
  • هل أُجريت دراسات مشابهة؟ تكون نتائج الدراسة أكثر موثوقية إذا ما حُصل على نتائج مشابهة من خلال دراسات أخرى. وأحيانًا، لا تُجرى الدراسة لعدد كافٍ من السنوات كي تكون ذات أهمية إحصائية.

ينبغي العلم أن التقارير الإخبارية التي تركز على الإحصاءات المثيرة للانتباه -مثل ارتفاع احتمالات الإصابة بنسبة 300%- ولكنها لا تقدم أي سياق، هي تقارير غير مفيدة. وإذا كنت قلقًا بشأن احتمال إصابتك بمرض، فاجمع مزيدًا من المعلومات عنه، وتحدث إلى اختصاصي الرعاية الصحية.

March 29, 2024